﴿واسئلهم عَن الْقرْيَة الَّتِي كَانَت حَاضِرَة الْبَحْر إِذْ يعدون فِي السبت إِذْ تأتيهم حيتانهم يَوْم سبتهم شرعا وَيَوْم لَا يسبتون لَا تأتيهم كَذَلِك نبلوهم بِمَا كَانُوا يفسقون (١٦٣) وَإِذ قَالَت أمة مِنْهُم لم تعظون قوما الله مهلكهم أَو معذبهم عذَابا شَدِيدا قَالُوا معذرة إِلَى﴾ لَهُم فَأَرْسَلنَا عَلَيْهِم رجزا من السَّمَاء) أَي عذَابا من السَّمَاء ﴿بِمَا كَانُوا يظْلمُونَ﴾.
قَوْله تَعَالَى ﴿واسألهم عَن الْقرْيَة﴾ هَذَا سُؤال توبيخ وتقريع لَا سُؤال استعلام، وَاخْتلفُوا فِي تِلْكَ الْقرْيَة، قَالَ ابْن عَبَّاس: هِيَ الأيلة. وَقَالَ الزُّهْرِيّ: هِيَ طبرية الشَّام. وَقيل: إِنَّهَا مَدين ﴿الَّتِي كَانَت حَاضِرَة الْبَحْر﴾ أَي: مجاورة الْبَحْر ﴿إِذْ يعدون فِي السبت﴾ أَي: يجاوزون أَمر الله فِي السبت، وَكَانَ الله - تَعَالَى - حرم عَلَيْهِم أَن يعملوا فِي السبت عملا سوى الْعِبَادَة.
﴿إِذْ تأتيهم حيتانهم يَوْم سبتهم شرعا﴾ أَي: ظَاهِرَة، قَالَه ابْن عَبَّاس، وَمِنْه الشوارع لظهورها، وَقيل: هُوَ من الشُّرُوع، وَهُوَ الدُّخُول، فَيكون مَعْنَاهُ أَن تِلْكَ الْقرْيَة كَانَ بجنبها خليج الْبَحْر، فتدخله الْحيتَان يَوْم السبت وَلَا تدخله فِي سَائِر الْأَيَّام. وَفِي الْقِصَّة: أَنَّهَا كَانَت تأتيهم مثل الكباش السمان الْبيض يَوْم السبت تشرع إِلَى أَبْوَابهم، ثمَّ لَا يرى شَيْء مِنْهَا فِي غير يَوْم السبت فَذَلِك قَوْله: ﴿وَيَوْم لَا يسبتون لَا تأتيهم﴾ وَقَرَأَ الْحسن: " لَا يسبتون " بِضَم الْيَاء، أَي: لَا يدْخلُونَ فِي السبت، وَالْمَعْرُوف: " لَا يسبتون " وَمَعْنَاهُ: لَا يعظمون السبت، يُقَال: (أسبت) إِذا دخل السبت، وسبت إِذا عظم السبت، يَعْنِي: وَيَوْم لَا يعظمون السبت ﴿لَا تأتيهم﴾ وعَلى قِرَاءَة الْحسن: وَيَوْم لَا يدْخلُونَ السبت لَا تأتيهم، وَكَانَ ذَلِك ابتلاء من الله - تَعَالَى - لَهُم كَمَا قَالَ: ﴿كَذَلِك نبلوهم﴾ أَي: نختبرهم ﴿بِمَا كَانُوا يفسقون﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذ قَالَت أمة مِنْهُم لم تعظون قوما﴾ وَفِي الْقِصَّة: أَنهم احْتَالُوا بحيلة الِاصْطِيَاد؛ فَكَانُوا يضعون الحبال يَوْم الْجُمُعَة حَتَّى تقع فِيهَا الْحيتَان يَوْم السبت، ثمَّ يأخذونها يَوْم الْأَحَد، وَقيل: إِن الشَّيْطَان وسوس إِلَيْهِم أَن الله - تَعَالَى -


الصفحة التالية
Icon