﴿كونُوا قردة خَاسِئِينَ (١٦٦) وَإِذ تَأذن رَبك ليبْعَثن عَلَيْهِم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة من يسومهم سوء الْعَذَاب إِن رَبك لسريع الْعقَاب وَإنَّهُ لغَفُور رَحِيم (١٦٧) وقطعناهم فِي الأَرْض أمما مِنْهُم الصالحون وَمِنْهُم دون ذَلِك وبلوناهم بِالْحَسَنَاتِ والسيئات لَعَلَّهُم يرجعُونَ﴾ يكلمهُ فِي الْآيَة، ويستدل بظاهرها؛ حَتَّى ظهر الدَّلِيل لِابْنِ عَبَّاس على نجاة الْفرْقَة الساكتة، وَمن الدَّلِيل عَلَيْهِ فِي ظَاهر الْآيَة أَنه قَالَ: ﴿فَلَمَّا نسوا مَا ذكرُوا بِهِ﴾ وَتلك الْفرْقَة لم ينسوا ذَلِك، وَالثَّانِي أَنه قَالَ: ﴿أنجينا الَّذين ينهون عَن السوء﴾ والفرقة الساكتة قد نهوا نهي تحذير بقَوْلهمْ: لم تعظون قوما الله مهلكهم.
وَالثَّالِث أَنه قَالَ: ﴿وأخذنا الَّذين ظلمُوا﴾ يَعْنِي: بالاصطياد يَوْم السبت؛ وهم مَا ظلمُوا بالاصطياد، قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: نجت الفرقتان، وَهَلَكت وَاحِدَة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا عتوا عَمَّا نهوا عَنهُ قُلْنَا لَهُم كونُوا قردة خَاسِئِينَ﴾ وَهَذَا أَمر تكوين، وَقَوله: ﴿خَاسِئِينَ﴾ أَي: مبعدين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذ تَأذن رَبك﴾ أَي: أعلم رَبك، قَالَ الشَّاعِر:
(تَأذن إِن شَرّ النَّاس حَيّ | يُنَادي من شعارهم يسَار) |
قَوْله تَعَالَى: ﴿وقطعناهم فِي الأَرْض أمما﴾ أَي: فرقناهم فرقا، وَمَعْنَاهُ: شتتنا أَمر الْيَهُود فَلَا يَجْتَمعُونَ على كلمة وَاحِدَة ﴿مِنْهُم الصالحون﴾ يَعْنِي: الَّذين أَسْلمُوا مِنْهُم ﴿وَمِنْهُم دون ذَلِك﴾ يَعْنِي الَّذين بقوا على الْكفْر.
﴿وبلوناهم﴾ أَي: اختبرناهم ﴿بِالْحَسَنَاتِ والسيئات﴾ أَي: بِالْخصْبِ والجدب وَالْخَيْر وَالشَّر ﴿لَعَلَّهُم يرجعُونَ﴾.