( ﴿١٣) وَمن الَّذين قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخذنَا ميثاقهم فنسوا حظا مِمَّا ذكرُوا بِهِ فأغيرنا بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وسوف ينبئهم الله بِمَا كَانُوا يصنعون (١٤) يَا أهل الْكتاب قد جَاءَكُم رَسُولنَا يبين لكم كثيرا مِمَّا كُنْتُم تخفون من الْكتاب وَيَعْفُو عَن كثير قد جَاءَكُم من الله نور وَكتاب مُبين (١٥) يهدي بِهِ﴾ وَمَعْنَاهُ: ألصقنا بهم الْعَدَاوَة حَتَّى صَارُوا فرقا، وأحزابا، مِنْهُم اليعقوبية والملكائية، والنسطورية. ﴿وسوف ينبئهم الله بِمَا كَانُوا يصنعون﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿يَا أهل الْكتاب﴾ وَالْمرَاد بِهِ: أهل الْكِتَابَيْنِ: التَّوْرَاة، وَالْإِنْجِيل، لَكِن ذكر الْكتاب، وَهُوَ اسْم الْجِنْس، فَيَنْصَرِف إِلَى الْفَرِيقَيْنِ ﴿قد جَاءَكُم رَسُولنَا يبين لكم كثيرا مِمَّا (كُنْتُم﴾ تخفون من الْكتاب) يَعْنِي: اللَّذين أخفوا من نعت مُحَمَّد وَآيَة الرَّجْم، وَنَحْو ذَلِك ﴿وَيَعْفُو عَن كثير﴾ يَعْنِي: يعرض عَن كثير مِمَّا أخفوا، فَلَا يتَعَرَّض لَهُ.
﴿قد جَاءَكُم من الله نور﴾ قيل: هُوَ الْإِسْلَام، (وَسمي نور لِأَنَّهُ يهتدى بِهِ كَمَا يَهْتَدِي بِالنورِ، وَقيل مُحَمَّد) وَسمي نورا لِأَنَّهُ يتَبَيَّن بِهِ الْأَشْيَاء، كَمَا يتَبَيَّن بِالنورِ. ﴿وَكتاب مُبين﴾ هُوَ الْقُرْآن.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿يهدي بِهِ الله من اتبع رضوانه سبل السَّلَام﴾ أَي: يهدي بِهِ الله سبل السَّلَام من اتبع رضوانه، قَالَ السّديّ: السَّلَام هُوَ الله - تَعَالَى - وسبل السَّلَام: طَرِيق الله - تَعَالَى - وَقَالَ: السَّلَام: هُوَ السَّلامَة، كاللذاذ واللذاذة بِمَعْنى وَاحِد، وَالْمرَاد بِهِ: طرق السَّلامَة.
﴿ويخرجهم من الظُّلُمَات إِلَى النُّور﴾ يَعْنِي: من الْكفْر إِلَى (الْإِسْلَام)، وَسمي الْكفْر ظلمَة؛ لِأَنَّهُ يتحير فِي الظلمَة، [وَسمي] الْإِسْلَام نورا لما بَينا ﴿ويهديهم إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم﴾ قيل: هُوَ الْإِسْلَام، وَقيل: [هُوَ] الْقُرْآن.
وَقَوله - تَعَالَى -: ﴿لقد كفر الَّذين قَالُوا إِن الله هُوَ الْمَسِيح ابْن مَرْيَم﴾ قيل: هَذَا قَول اليعقوبية من النَّصَارَى، قَالُوا: إِن الْمَسِيح إِلَه، وَقيل: إِنَّهُم لما قَالُوا: الْمَسِيح ابْن