{مُبين (١٨٤) أَو لم ينْظرُوا فِي ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا خلق الله من شَيْء وَأَن عَسى أَن يكون قد اقْترب أَجلهم فَبِأَي حَدِيث بعده يُؤمنُونَ (١٨٥) من يضلل الله فَلَا هادي لَهُ ويذرهم فِي طغيانهم يعمهون (١٨٦) يَسْأَلُونَك عَن السَّاعَة أَيَّانَ مرْسَاها قل إِنَّمَا علمهَا عِنْد رَبِّي لَا يجليها لوَقْتهَا إِلَّا هُوَ ثقلت فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض لَا تَأْتيكُمْ إِلَّا بَغْتَة يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا قل إِنَّمَا علمهَا عِنْد الله وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ (١٨٧)
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَو لم ينْظرُوا فِي ملكوت السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ يَعْنِي: استدلوا بهَا على وحدانية الله تَعَالَى ﴿وَمَا خلق الله من شَيْء﴾ أَي: أَو لم ينْظرُوا إِلَى مَا خلق الله من شَيْء ﴿وَأَن عَسى أَن يكون قد اقْترب أَجلهم﴾ يَعْنِي: لَعَلَّ قد اقْترب أَجلهم فيموتوا قبل أَن يُؤمنُوا ﴿فَبِأَي حَدِيث بعده يُؤمنُونَ﴾ أَي: بِأَيّ نَبِي بعد مُحَمَّد، وَبِأَيِّ كتاب بعد كتاب مُحَمَّد يُؤمنُونَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿من يضلل الله﴾ أَي: من يضلله الله ﴿فَلَا هادي لَهُ ويذرهم فِي طغيانهم يعمهون﴾ أَي: فِي غلوهم فِي الْبَاطِل ﴿يعمهون﴾ يتحيرون ويترددون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَسْأَلُونَك عَن السَّاعَة أَيَّانَ مرْسَاها﴾ أَي: مثبتها، يُقَال: أرسى، أَي: أثبت، وَمَعْنَاهُ: يَسْأَلُونَك عَن السَّاعَة مَتى قِيَامهَا ﴿قل إِنَّمَا علمهَا عِنْد رَبِّي لَا يجليها لوَقْتهَا﴾ لَا يظهرها لوَقْتهَا ( ﴿إِلَّا هُوَ﴾ ثقلت فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض) أَي: خَفِي علمهَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض، فَكَأَنَّمَا ثقلت، وكل خَفِي ثقيل، وَمَعْنَاهُ: ثقيل وصفهَا على أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض؛ بِمَا يكون فِيهَا من تكوير الشَّمْس وَالْقَمَر، وتكوير النُّجُوم، وتسيير الْجبَال، وطي السَّمَوَات وَالْأَرْض، وَقيل مَعْنَاهُ: عظم وُقُوعهَا على أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض.
﴿لَا تَأْتيكُمْ إِلَّا بَغْتَة﴾ أَي: فَجْأَة.
﴿يَسْأَلُونَك كَأَنَّك حفي عَنْهَا﴾ أَي كَأَنَّك مسرور بسؤالهم عَنْهَا، يُقَال: تحفيت فلَانا فِي الْمَسْأَلَة إِذا سَأَلته وأظهرت السرُور فِي سؤالك، فعلى هَذَا تَقْدِير الْآيَة:


الصفحة التالية
Icon