( ﴿١٩٩) وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ فاستعذ بِاللَّه إِنَّه سميع عليم (٢٠٠) إِن الَّذين اتَّقوا إِذا مسهم طائف من الشَّيْطَان تَذكرُوا فَإِذا هم مبصرون (٢٠١) وإخوانهم يمدونهم فِي الغي ثمَّ لَا يقصرون (٢٠٢) وَإِذا لم تأتهم بِآيَة قَالُوا لَوْلَا اجتبيتها قل إِنَّمَا﴾ سَلام الْمُنَازعَة، قَالَ: ﴿وَإِذا مروا بِاللَّغْوِ مروا كراما﴾ يَعْنِي: أكْرمُوا أنفسهم عَن الْخَوْض فِيهِ.
وروى أَن عُيَيْنَة بن حصن - وَكَانَ سيد غطفان - لما قدم الْمَدِينَة قَالَ للْحرّ بن قيس: لَك وَجه عِنْد أَمِير الْمُؤمنِينَ؛ فَاسْتَأْذن لي عَلَيْهِ، فَاسْتَأْذن لَهُ فَدخل على عمر - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ لَهُ: إِنَّك لَا تقضي فِينَا بِالْحَقِّ، وَلَا تقسم فِينَا بِالْعَدْلِ، فَغَضب عمر وهم أَن يُؤَدِّيه، فَقَالَ الْحر بن قيس: إِن الله تَعَالَى يَقُول: ﴿وَأعْرض عَن الْجَاهِلين﴾ وَهَذَا من الْجَاهِلين، فَسكت عمر - رَضِي الله عَنهُ -.
قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِمَّا يَنْزغَنك من الشَّيْطَان نَزغ﴾ النزغ من الشَّيْطَان: الوسوسة ﴿فاستعذ بِاللَّه﴾ أَي: استجر بِاللَّه ﴿إِنَّه سميع عليم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين اتَّقوا إِذا مسهم طيف من الشَّيْطَان﴾ وتقرأ: " طائف " ومعناهما وَاحِد.
قَالَ سعيد بن جُبَير: هُوَ الْغَضَب. وَقَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: هُوَ الوسوسة. وأصل الطيف: الْجُنُون.
﴿تَذكرُوا فَإِذا هم مبصرون﴾ وَفِي مَعْنَاهُ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنهم إِذا وسوسهم الشَّيْطَان بالمعصية ذكرُوا عِقَاب الله؛ فَإِذا هم كافون عَن الْمعْصِيَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي مَعْنَاهُ: ذكرُوا الله؛ فَإِذا هم يبصرون الْحق عَن الْبَاطِل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وإخوانهم﴾ أَي: أشباههم من الشَّيَاطِين ﴿يمدونهم﴾ أَي: يردونهم ﴿فِي الغي﴾ فِي الضَّلَالَة ﴿ثمَّ لَا يقصرون﴾ أَي: لَا يكفون.


الصفحة التالية
Icon