﴿وَيُرِيد الله أَن يحِق الْحق بكلماته وَيقطع دابر الْكَافرين (٧) ليحق الْحق وَيبْطل الْبَاطِل وَلَو كره المجرمون (٨) إِذْ تَسْتَغِيثُونَ ربكُم فَاسْتَجَاب لكم أَنِّي مُمِدكُمْ بِأَلف﴾ رجلا، وَكَانَ الْمُسلمُونَ يَوْمئِذٍ ثَلَاثمِائَة وَثَلَاثَة عشر نَفرا، وَلم يكن لَهُم كثير سلَاح، وَكَانَ مَعَهم فرسَان فَحسب، أَحدهمَا لِلْمِقْدَادِ بن عَمْرو، وَالْآخر لأبي مرْثَد الغنوي، وَكَانَ مَعَهم سِتَّة أدرع، وَكَانَ أَكْثَرهم رِجَاله، وَبَعْضهمْ على الأبعرة، فَوَعَدَهُمْ الله - تَعَالَى - إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا العير (أَو) النفير، وَكَانَ أَبُو سُفْيَان صَاحب العير، وَأَبُو جهل صَاحب النفير، فَالتقى الْجَمْعَانِ، ووقعوا فِي الْقِتَال، وَأخذ العير طَرِيق السَّاحِل وذهبوا، وَكَانَ الْمُسلمُونَ يودون أَن يظفروا بالعير ويفوزوا بِالْمَالِ من غير الْقِتَال " فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿وتودون أَن غير ذَات الشَّوْكَة تكون لكم﴾ والشوكة: السِّلَاح.
﴿وَيُرِيد الله أَن يحِق الْحق بكلماته﴾ أَي: يظْهر الْحق ويعلى كَلمته ﴿وَيقطع دابر الْكَافرين﴾ أَي: أصل الْكَافرين.
﴿ليحق الْحق وَيبْطل الْبَاطِل﴾ أَي: يثبت الْحق وينفي الْبَاطِل ﴿وَلَو كره المجرمون﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذْ تسغيثون ربكُم﴾ الاستغاثة: طلب الْغَوْث ﴿فَاسْتَجَاب لكم أَنِّي مُمِدكُمْ بِأَلف من الْمَلَائِكَة مُردفِينَ﴾ سَبَب هَذَا مَا روى: " أَنه لما التقى الْجَمْعَانِ ببدر اسْتقْبل النَّبِي الْقبْلَة وَرفع يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أنجزني مَا وَعَدتنِي، اللَّهُمَّ إِن تهْلك هَذِه الْعِصَابَة فَلَنْ تعبد فِي الأَرْض، وَعلا بِهِ صَوته فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: خفض من صَوْتك يَا رَسُول الله؛ فَإِن الله منجزك مَا وَعدك " فَنزلت الْآيَة واستجاب دعاءه، وأمدهم الله تَعَالَى بِالْمَلَائِكَةِ؛ فروى: " أَنه نزل جِبْرِيل فِي خَمْسمِائَة، وَمِيكَائِيل فِي خَمْسمِائَة، وَكَانَ على رُءُوسهم عمائم بيض قد أَرخُوا أطرافها بَين أكتافهم، وهم على صور الْبشر


الصفحة التالية
Icon