﴿السَّمَاء مَاء ليطهركم بِهِ وَيذْهب عَنْكُم رجز الشَّيْطَان وليربط على قُلُوبكُمْ وَيثبت بِهِ الْأَقْدَام (١١) إِذْ يوحي رَبك إِلَى الْمَلَائِكَة أَنِّي مَعكُمْ فثبتوا الَّذين آمنُوا سألقي فِي قُلُوب الَّذين كفرُوا الرعب فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق واضربوا مِنْهُم كل بنان (١٢) ذَلِك﴾
قَالَ ابْن مَسْعُود: النعاس فِي الْقِتَال من الله، وَفِي الصَّلَاة من الشَّيْطَان.
﴿وَينزل عَلَيْكُم من السَّمَاء مَاء ليطهركم بِهِ﴾ وَهُوَ مَا ذكرنَا ﴿وَيذْهب عَنْكُم رجز الشَّيْطَان﴾ أَي: وَسْوَسَة الشَّيْطَان ﴿وليربط على قُلُوبكُمْ﴾ أَي: يشدد قُلُوبكُمْ وَتثبت بِإِزَالَة الْخَوْف ﴿وَيثبت بِهِ الْأَقْدَام﴾ يَعْنِي: على الرمل حِين تلبد بالمطر.
﴿إِذْ يوحي رَبك إِلَى الْمَلَائِكَة أَنِّي مَعكُمْ﴾ أَي: بالنصر وَالظفر ﴿فثبتوا الَّذين آمنُوا﴾ وروى " أَن الْملك كَانَ يمشي بَين أَيْديهم وينادي: أَيهَا الْمُسلمُونَ، أَبْشِرُوا بالظفر والنصر ". وَقيل: كَانَ يلهمهم الْملك ذَلِك؛ وللملك إلهام.
﴿سألقي فِي قُلُوب الَّذين كفرُوا الرعب فاضربوا فَوق الْأَعْنَاق﴾ أَي: على الْأَعْنَاق، وَقيل: " فَوق " فِيهِ صلَة، وَمَعْنَاهُ: فاضربوا الْأَعْنَاق، وَقيل: هُوَ على مَوْضِعه، وَمَعْنَاهُ: فاضربوا على اليافوخ.
﴿واضربوا مِنْهُم كل بنان﴾ قيل: البنان: مفاصل الْأَطْرَاف، وَقيل: الْأَصَابِع، كَأَنَّهُ عبر بِهِ عَن الْأَيْدِي والأرجل.
قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: مَا كَانَت الْمَلَائِكَة تعلم كَيفَ يقتل الآدميون، فعلمهم الله.
وَقيل: إِن الْمَلَائِكَة لم يقاتلوا إِلَّا فِي غَزْوَة بدر.
وَعَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ -: أَنه لما أَرَادَ أَن يحز رَأس أبي جهل - وَكَانَ قد علاهُ ليَقْتُلهُ - فَقَالَ لَهُ أَبُو جهل: كُنَّا نسْمع الصَّوْت وَلَا نرى شخصا، ونرى الضَّرْب وَلَا نرى الضَّارِب، فَمن هم؟ قَالَ: هم الْمَلَائِكَة: فَقَالَ أَبُو جهل: أُولَئِكَ غلبونا لَا انتم.
﴿ذَلِك بِأَنَّهُم شاقوا الله وَرَسُوله﴾ أَي: نازعوا الله وَرَسُوله.