﴿وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة وَاعْلَمُوا أَن الله شَدِيد الْعقَاب (٢٥) واذْكُرُوا إِذْ انتم قَلِيل مستضعفون فِي الأَرْض تخافون أَن يتخطفكم النَّاس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطَّيِّبَات لَعَلَّكُمْ تشكرون (٢٦) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تخونوا الله وَالرَّسُول وتخونوا أماناتكم وَأَنْتُم تعلمُونَ (٢٧) وَاعْلَمُوا أَنما أَمْوَالكُم﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة﴾ أَكثر الْمُفَسّرين على أَن الْآيَة فِي أَصْحَاب النَّبِي وَمَعْنَاهَا: اتَّقوا عذَابا يُصِيب الظَّالِم وَغير الظَّالِم.
قَالَ الزبير حِين رأى مَا رأى يَوْم الْجمل: مَا علمت أَن هَذِه الْآيَة نزلت فِينَا أَصْحَاب رَسُول الله حَتَّى كَانَ هَذَا الْيَوْم. وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي معنى الْآيَة: لَا تقروا الْمُنكر بَيْنكُم، ومروا بِالْمَعْرُوفِ؛ كي لَا يعمكم الله بعقاب، فَيُصِيب الظَّالِم وَغير الظَّالِم.
وَقيل: أَرَادَ بالفتنة: تَفْرِيق الْكَلِمَة وَاخْتِلَاف الآراء، وَاتَّقوا فتْنَة تَفْرِيق الْكَلِمَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة، فَيكون الْعَذَاب مضمرا فِيهِ ﴿وَاعْلَمُوا أَن الله شَدِيد الْعقَاب﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿واذْكُرُوا إِذْ أَنْتُم قَلِيل مستضعفون فِي الأَرْض تخافون أَن يتخطفكم النَّاس﴾ قَالَ وهب بن مُنَبّه: يَعْنِي: تتخطفكم فَارس. وَقَالَ عِكْرِمَة: يتخطفكم كفار الْعَرَب ﴿فآواكم﴾ يَعْنِي: إِلَى الْمَدِينَة ﴿وأيدكم بنصره﴾ أَي: قواكم بنصره ﴿ورزقكم من الطَّيِّبَات﴾ يَعْنِي: الْغَنَائِم ﴿لَعَلَّكُمْ تشكرون﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تخونوا الله وَالرَّسُول وتخونوا أماناتكم﴾ وَلَا تخونوا أماناتكم ﴿وَأَنْتُم تعلمُونَ﴾ قَالَ الْكَلْبِيّ: نزلت الْآيَة فِي أبي لبَابَة بن عبد الْمُنْذر؛ فَإِن النَّبِي لما حاصر بني قُرَيْظَة بَعثه إِلَيْهِم - وَكَانَ مِنْهُم - فَقَالُوا لَهُ: مَاذَا يفعل بِنَا لَو نزلنَا على حكيه؟ فَوضع أُصْبُعه على حلقه وَأَشَارَ إِلَيْهِم بِالذبْحِ - يَعْنِي: يقتلكم - قَالَ أَبُو لبَابَة: فَمَا بَرحت قَدَمَايَ حَتَّى عرفت أَنِّي خُنْت الله وَرَسُوله، وَنزلت الْآيَة ".


الصفحة التالية
Icon