﴿وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه وَمَا أنزلنَا على عَبدنَا يَوْم الْفرْقَان يَوْم التقى﴾
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن ذَوي الْقُرْبَى هم بَنو هَاشم وَبَنُو الْمطلب، وَهَذَا قَول الشَّافِعِي - رَحمَه الله - وَقد دلّ عَلَيْهِ الْخَبَر الْمَرْوِيّ بطرِيق جُبَير بن مطعم - رَضِي الله عَنهُ - عَن النَّبِي: " قسم سهم ذَوي الْقُرْبَى بَين بني هَاشم وَبني الْمطلب، فمشيت أَنا وَعُثْمَان إِلَى رَسُول الله وَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، إِنَّا لَا ننكر فَضِيلَة بني هَاشم لِمَكَانِك الَّذِي وضعك الله فيهم؛ ولكننا وإخواننا بني الْمطلب فِي الْقَرَابَة مِنْك سَوَاء، وَقد أَعطيتهم وَحَرَمْتنَا، فَقَالَ: أَنا وَبني الْمطلب شَيْء وَاحِد - وَشَبك بَين أَصَابِعه - وَإِنَّهُم لم يفارقونا فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام ". ٍ
وَأما قَوْله تَعَالَى: ﴿واليتامى﴾ فاليتامى لَهُم سهم مُفْرد بِالْإِنْفَاقِ، واليتيم الَّذِي يسْتَحق السهْم هُوَ الَّذِي لَا أَب لَهُ فَيكون صَغِيرا فَقِيرا.
وَقَوله: ﴿وَالْمَسَاكِين﴾ فالمساكين هم أهل الْحَاجة، وَسَيَرِدُ الْفرق بَين الْمِسْكِين وَالْفَقِير فِي سُورَة بَرَاءَة.
وَأما قَوْله: ﴿وَابْن السَّبِيل﴾ فَهُوَ الْمُنْقَطع الَّذِي بعد عَن مَاله.
وَقَوله: ﴿إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه﴾ مَعْنَاهُ: وَاعْلَمُوا أَنما غَنِمْتُم من شَيْء فَأن لله خمسه وَلِلرَّسُولِ، على مَا ذكر، إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه. وَقيل مَعْنَاهُ: يأمران فِيهِ بِمَا يُريدَان فاقبلوا إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا أنزلنَا﴾ يَعْنِي: إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه وَبِمَا أنزلنَا ﴿على عَبدنَا﴾.
وَفِيه قَول آخر: أَن هَذَا رَاجع إِلَى قَوْله تَعَالَى: ﴿وقاتلوهم حَتَّى لَا تكون فتْنَة﴾ إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه وَبِمَا أنزلنَا على عَبدنَا ﴿يَوْم الْفرْقَان﴾ يَوْم بدر، فرق الله تَعَالَى فِيهِ بَين الْحق وَالْبَاطِل ﴿يَوْم التقى الْجَمْعَانِ﴾ مَعْنَاهُ: التقى حزب الله وحزب الشَّيْطَان


الصفحة التالية
Icon