﴿يريكهم الله فِي مَنَامك قَلِيلا وَلَو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم فِي الْأَمر وَلَكِن الله سلم إِنَّه عليم بِذَات الصُّدُور (٤٣) وَإِذ يريكموهم إِذا التقيتم فِي أعينكُم قَلِيلا ويقللكم فِي أَعينهم ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا وَإِلَى الله ترجع الْأُمُور (٤٤) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا﴾ فِي الْعدَد.
وَالْقَوْل الثَّانِي وَهُوَ قَول الْحسن الْبَصْرِيّ: أَنه قَوْله تَعَالَى: ﴿فِي مَنَامك﴾ أَي: فِي عَيْنك قَلِيلا؛ وسمى الْعين مناما؛ لِأَنَّهَا مَوضِع النّوم.
﴿وَلَو أراكهم كثيرا لفشلتم﴾ لجبنتم ﴿ولتنازعتم فِي الْأَمر﴾ يَعْنِي: فِي الإحجام والإقدام ﴿وَلَكِن الله سلم﴾ أَي: سلمكم من الفشل والجبن ﴿إِنَّه عليم بِذَات الصُّدُور﴾.
وَقد صَحَّ عَن النَّبِي أَنه كَانَ يستعيذ بِاللَّه من الْجُبْن.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذ يريكموهم إِذْ التقيتم فِي أعينكُم قَلِيلا ويقللكم فِي أَعينهم ليقضي الله أمرا كَانَ مَفْعُولا وَإِلَى الله ترجع الْأُمُور﴾ معنى الْآيَة: أَن الله تَعَالَى قلل الْمُشْركين فِي أعين الْمُؤمنِينَ؛ ليقدموا وَلَا يجبنوا، وقلل الْمُؤمنِينَ فِي أعين الْكفَّار؛ لِئَلَّا يهربوا.
وَرُوِيَ عَن عبد الله بن مَسْعُود أَنه قَالَ: قلت يَوْم بدر لبَعض من كَانَ بجنبي: تراهم سبعين رجلا، فَقَالَ: أَرَاهُم مائَة، ثمَّ إِنَّا أسرنا مِنْهُم فَقُلْنَا لَهُم: كم كُنْتُم؟ فَقَالُوا: كُنَّا ألفا ﴿ليقضي الله﴾ يَعْنِي: ليقضي الله من إعلاء الْإِسْلَام وإذلال الشّرك ونصرة الْمُؤمنِينَ وَقتل الْمُشْركين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِذا لَقِيتُم فِئَة﴾ الْآيَة، الفئة: الْجَمَاعَة.


الصفحة التالية
Icon