﴿وَإِنَّا لن ندْخلهَا حَتَّى يخرجُوا مِنْهَا فَإِن يخرجُوا مِنْهَا فَإنَّا داخلون (٢٢) قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا ادخُلُوا عَلَيْهِم الْبَاب فَإِذا دخلتموه فَإِنَّكُم غالبون﴾
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ أنعم الله عَلَيْهِمَا﴾ هما يُوشَع وكالب (قَالَا) :﴿ادخُلُوا عَلَيْهِم الْبَاب فَإِذا دخلتموه فَإِنَّكُم غالبون﴾ وَذَلِكَ بَاب كَانُوا عرفُوا أَنهم إِذا دخلُوا من ذَلِك الْبَاب غلبوا، (وَيقْرَأ) فِي الشواذ: " قَالَ رجلَانِ من الَّذين يخَافُونَ " - ضم الْيَاء - فَيكون مَعْنَاهُ: رجلَانِ من أُولَئِكَ العمالقة، قيل: أسلم رجلَانِ مِنْهُم، وَقَالا هَذِه الْمقَالة ﴿وعَلى الله فتوكلوا إِن كُنْتُم مُؤمنين﴾.
قَوْله - تَعَالَى - ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لن ندْخلهَا أبدا مَا داموا فِيهَا﴾ وَهَذَا مَعْلُوم ﴿فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ قَالَ الْحسن: كفرُوا بِهَذِهِ الْمقَالة، وَقَالَ غَيره: بل فسقوا بمخالفة أمره، وَتَقْدِير قَوْله: ﴿فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا﴾ أَي: فَاذْهَبْ أَنْت، وليعنك رَبك على الْقِتَال، وَفِيه قَول آخر: أَن معنى قَوْله: ﴿فَاذْهَبْ أَنْت وَرَبك﴾ أَي: وكبيرك، وَأَرَادُوا أَخَاهُ الْأَكْبَر هَارُون، وَالْعرب تسمي الْكَبِير رَبًّا، قَالَ الله - تَعَالَى - فِي قصَّة يُوسُف: ﴿إِنَّه رَبِّي أحسن مثواي﴾ أَي: كبيري وَأَرَادَ بِهِ " عَزِيز مصر " وَيحْتَمل أَنهم قَالُوا ذَلِك لمُوسَى؛ جهلا وغباوة، ففسقوا بِهِ، وروى ابْن مَسْعُود عَن النَّبِي " أَنه لما خرج يَوْم بدر، قَالَ لَهُ الْمِقْدَاد بن عَمْرو: لَا نقُول لَك مَا قَالَت بَنو إِسْرَائِيل لمُوسَى: اذْهَبْ أَنْت وَرَبك فَقَاتلا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ، وَلَكِن نقُول: سر أَنْت حَيْثُ شِئْت [فَإنَّا] مَعَك سائرون " وروى: " أَن الْأَنْصَار قَالُوا يَا رَسُول الله: لَو ضربت بأكبادها إِلَى برك الغماد سرنا مَعَك " يَعْنِي: بأكباد الْإِبِل إِلَى برك الغماد، وَهُوَ مَوضِع.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿قَالَ رب إِنِّي لَا أملك إِلَّا نَفسِي وَأخي﴾ مَعْنَاهُ: لَا أملك إِلَّا


الصفحة التالية
Icon