﴿إِذا لَقِيتُم فِئَة فاثبتوا واذْكُرُوا الله كثيرا لَعَلَّكُمْ تفلحون (٤٥) وَأَطيعُوا الله وَرَسُوله وَلَا تنازعوا فتفشلوا وَتذهب ريحكم واصبروا إِن الله مَعَ الصابرين (٤٦) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين خَرجُوا من دِيَارهمْ بطرا ورئاء النَّاس ويصدون عَن سَبِيل الله وَالله بِمَا يعلمُونَ﴾
قَوْله: ﴿فاثبتوا واذْكُرُوا الله كثيرا﴾ وَمعنى ذكر الله: هُوَ الدُّعَاء بالنصرة وَالظفر ﴿لَعَلَّكُمْ تفلحون﴾ وَكُونُوا على رَجَاء الْفَلاح.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَطيعُوا الله وَرَسُوله﴾ الْآيَة، وَقَوله: ﴿وَلَا تنازعوا فتفشلوا﴾ مَعْنَاهُ: وَلَا تختلفوا فتضعفوا ﴿وَتذهب ريحكم﴾ مَعْنَاهُ: جدكم وجهدكم.
وَقَالَ قَتَادَة: الرّيح هَاهُنَا: ريح النُّصْرَة. وَقد صَحَّ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " نصرت بالصبا، وأهلكت عَاد بالدبور ".
وَالْقَوْل الثَّالِث، قَول الْأَخْفَش وَغَيره: وَتذهب ريحكم أَي: دولتكم ﴿واصبروا إِن الله مَعَ الصابرين﴾ مَعْلُوم التَّفْسِير.
وَفِي الْآيَة فَضِيلَة عَظِيمَة لأهل الصَّبْر؛ فَإِن الله تَعَالَى قَالَ: ﴿إِن الله مَعَ الصابرين﴾ قَالَ الشَّاعِر:

(إِنِّي رَأَيْت فِي الْأَيَّام تجربة للصير عَاقِبَة محمودة الْأَثر)
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين خَرجُوا من دِيَارهمْ بطرا ورئاء النَّاس﴾ الْآيَة، البطر: الطغيان فِي النِّعْمَة وَترك الشُّكْر، والرياء: إِظْهَار الْجَمِيل وإبطان الْقَبِيح.
وَالْآيَة نزلت فِي الْمُشْركين حِين أَقبلُوا إِلَى بدر،
فَقَالَ تَعَالَى للْمُؤْمِنين: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِين خَرجُوا من دِيَارهمْ بطرا ورئاء النَّاس﴾.
﴿ويصدون عَن سَبِيل الله﴾ مَعْنَاهُ: يمْنَعُونَ عَن سَبِيل الْحق ﴿وَالله بِمَا يعلمُونَ مُحِيط﴾ رُوِيَ عَن النَّبِي أَنه قَالَ حِين أقبل الْمُشْركُونَ: " اللَّهُمَّ هَذِه قُرَيْش أَقبلت


الصفحة التالية
Icon