( ﴿٥٣) كدأب آل فِرْعَوْن وَالَّذين من قبلهم كذبُوا بآيَات رَبهم فأهلكناهم بِذُنُوبِهِمْ وأغرقنا آل فِرْعَوْن وكل كَانُوا ظالمين (٥٤) إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله الَّذين كفرُوا فهم لَا يُؤمنُونَ (٥٥) الَّذين عَاهَدت مِنْهُم ثمَّ ينقضون عَهدهم فِي كل مرّة وهم لَا يَتَّقُونَ﴾ ﴿حَتَّى يُغيرُوا مَا بِأَنْفسِهِم﴾ يَعْنِي: حَتَّى يتْركُوا الشُّكْر، ويؤتوا الكفران.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن هَذَا فِي أهل مَكَّة؛ فَإِن الرَّسُول كَانَ نعْمَة أنعمها الله تَعَالَى عَلَيْهِم، فَكَفرُوا بِهَذِهِ النِّعْمَة، فغيرها الله تَعَالَى، وَمَعْنَاهُ: أَنه نقلهَا إِلَى أهل الْمَدِينَة ﴿وَأَن الله سميع عليم﴾ معلومان.
قَوْله تَعَالَى: ﴿كدأب آل فِرْعَوْن﴾ وَمَعْنَاهُ: مَا بَينا، وإعادة الذّكر للتَّأْكِيد، وَيجوز أَن هَذَا كَانَ فِي قوم آخَرين سوى الْأَوَّلين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين من قبلهم كذبُوا بآيَات رَبهم فأهلكناهم بِذُنُوبِهِمْ﴾ يَعْنِي: نهلك هَؤُلَاءِ كَمَا أهلكنا أُولَئِكَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وأغرقنا آل فِرْعَوْن وكل كَانُوا ظالمين﴾ يَعْنِي: الْأَوَّلين والآخرين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن شَرّ الدَّوَابّ عِنْد الله الَّذين كفرُوا﴾ الْآيَة. هَذِه الْآيَة مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ كالأنعام بل هم أضلّ﴾ سماهم الله تَعَالَى دَوَاب وأنعاماً؛ لقلَّة انتفاعهم بعقولهم وألبابهم وأسماعهم وأبصارهم ﴿فهم لَا يُؤمنُونَ﴾ مَعْنَاهُ ظَاهر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذين عَاهَدت مِنْهُم﴾ هَذِه الْآيَة نزلت فِي قوم من الْمُشْركين عَاهَدُوا مَعَ رَسُول الله ثمَّ نقضوا الْعَهْد، فَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿الَّذين عَاهَدت مِنْهُم ثمَّ ينقضون عَهدهم فِي كل مرّة﴾ يَعْنِي: كلما عَاهَدُوا نقضوا ﴿وهم لَا يَتَّقُونَ﴾ مَعْنَاهُ: لَا يَتَّقُونَ نقض الْعَهْد.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فإمَّا تثقفنهم فِي الْحَرْب﴾ مَعْنَاهُ: فإمَّا تصادفنهم فِي الْحَرْب ﴿فشرد بهم من خَلفهم﴾ قَالَ سعيد بن جُبَير: أنذر بهم من خَلفهم، قَالَ الشَّاعِر:
(أَطُوف فِي الأباطح كل يَوْم | مَخَافَة أَن يشرد بِي حَكِيم) |