( ﴿٥٦) فإمَّا تثقفهم فِي الْحَرْب فشرد بهم من خَلفهم لَعَلَّهُم يذكرُونَ (٥٧) وَإِمَّا تخافن من قوم خِيَانَة فانبذ إِلَيْهِم على سَوَاء إِن الله لَا يحب الخائنين (٥٨) وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا سبقوا إِنَّهُم لَا يعجزون (٥٩) وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن رِبَاط الْخَيل﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَعَلَّهُم يذكرُونَ﴾ يَعْنِي: يتذكرون.
وَمعنى الْآيَة: أَي نكل بهؤلاء الَّذين جَاءُوا لحربك أَو نقضوا عَهْدك تنكيلا يفرق بَينهم من خَلفهم من جماعاتهم.
فَقَوله تَعَالَى: ﴿وَإِمَّا تخافن من قوم خِيَانَة﴾ الْآيَة، معنى المخافة هَاهُنَا: هُوَ الإحساس بالخيانة ﴿فانبذ إِلَيْهِم على سَوَاء﴾ يَعْنِي: فانبذ الْعَهْد إِلَيْهِم ﴿على سَوَاء﴾ يَعْنِي: على حَالَة تستوي أَنْت وهم فِي الْعلم بِهِ.
وَالْمرَاد من الْآيَة: أَلا تقَاتلهمْ قبل نبذ الْعَهْد، وَقبل علمهمْ بالنبذ حَتَّى لَا تنْسب إِلَى نقض الْعَهْد، وَهَذِه الْآيَة تعد من فصيح الْقُرْآن.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الله لَا يحب الخائنين﴾ وَالْمعْنَى مَعْلُوم.
قَوْله تَعَالَى (وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا سبقوا) الْآيَة فِي الْقَوْم الَّذين انْهَزمُوا يَوْم بدر من الْمُشْركين، قَوْله: ﴿سبقوا﴾ يَعْنِي: فاتوا.
قَوْله ﴿إِنَّهُم لَا يعجزون﴾ يَعْنِي: لَا يفوتوني. وَقَرَأَ ابْن مُحَيْصِن: " لايعجزون " وَالصَّحِيح الْقِرَاءَة الأولى. وَقد قُرِئت الْآيَة بقراءتين: " أَنهم " و " إِنَّهُم " فَقَوله: " إِنَّهُم " على طَرِيق الِابْتِدَاء، وَقَوله: " أَنهم " يَعْنِي: لأَنهم لَا يفوتون. وَمعنى الْفَوات مَنْقُول عَن أبي عُبَيْدَة، وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ: ﴿لَا يعجزون﴾ مَعْنَاهُ: إِن فاتهم عَذَاب الدُّنْيَا لَا يفوتهُمْ من عَذَاب الْآخِرَة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَأَعدُّوا لَهُم مَا اسْتَطَعْتُم من قُوَّة وَمن رِبَاط الْخَيل﴾ الْآيَة، الإعداد: اتِّخَاذ الشَّيْء لوقت الْحَاجة، وَقَوله: ﴿من قُوَّة﴾ فِيهِ أَقْوَال:


الصفحة التالية
Icon