﴿من شَيْء فِي سَبِيل الله يوف إِلَيْكُم وَأَنْتُم لَا تظْلمُونَ (٦٠) وَإِن جنحوا للسلم فاجنح لَهَا وتوكل على الله إِنَّه هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم (٦١) وَإِن يُرِيدُوا أَن يخدعوك فَإِن حَسبك الله هُوَ الَّذِي أيدك بنصره وَبِالْمُؤْمِنِينَ (٦٢) وَألف بَين قُلُوبهم لَو أنفقت مَا فِي الأَرْض﴾
وَفِي الْآيَة قَول رَابِع: رُوِيَ عَن معَاذ بن جبل أَنه قَالَ: ﴿وَآخَرين من دونهم﴾ يَعْنِي: الشَّيَاطِين.
وَقَوله: ﴿لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ﴾ ظَاهر.
قَوْله: ﴿وَمَا تنفقوا من شَيْء فِي سَبِيل الله يوف إِلَيْكُم وَأَنْتُم لَا تظْلمُونَ﴾ أَي: لَا ينقص أجوركم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن جنحوا للسلم فاجنح لَهَا﴾ السّلم وَالسّلم وَالسّلم: الصُّلْح، وَمَعْنَاهُ: وَإِن مالوا إِلَى الصُّلْح فمل إِلَيْهِ.
وَرُوِيَ عَن الْحسن وَقَتَادَة أَنَّهُمَا قَالَا: هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة بِآيَة السَّيْف.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وتوكل على الله﴾ مَعْنَاهُ: ثق بِاللَّه ﴿إِنَّه هُوَ السَّمِيع الْعَلِيم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن يُرِيدُوا أَن يخدعوك﴾ الخداع: أَن يظْهر خلاف مَا يبطن.
قَوْله: ﴿فَإِن حَسبك الله﴾ يَعْنِي: فَإِن كافيك هُوَ ﴿هُوَ الَّذِي أيدك بنصره﴾ هُوَ الَّذِي قواك بنصره ﴿وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ أَي: قواك بِالْمُؤْمِنِينَ
﴿وَألف بَين قُلُوبهم﴾ أَكثر الْمُفَسّرين أَن هَذَا فِي الْأَوْس والخزرج؛ وَقد كَانَت بَينهم إحن وتراث فِي الْجَاهِلِيَّة، وَكَانَ الْقِتَال بَينهم قَائِما مائَة سنة، فألف الله بَين قُلُوبهم بِالنَّبِيِّ قَالَ الزّجاج: كَانَ الرجل مِنْهُم يلطم اللَّطْمَة فَكَانَ يُقَاتل بقوته إِلَى أَن يَسْتَفِيد مِنْهَا، فألف الله بَين قُلُوبهم بِالْإِسْلَامِ، حَتَّى صَار الرجل يُقَاتل أَخَاهُ وقريبه على الْإِسْلَام.
وَعَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: نزلت الْآيَة فِي المتحابين فِي الله.
وَفِي الْأَخْبَار عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " الْمُؤمن مألفة، وَلَا خير فِيمَن لَا يؤلف وَلَا


الصفحة التالية
Icon