( ﴿٦٩) يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى إِن يعلم الله فِي قُلُوبكُمْ خيرا يُؤْتكُم خيرا مِمَّا أَخذ مِنْكُم وَيغْفر لكم وَالله غَفُور رَحِيم (٧٠) وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتك فقد خانوا الله من قبل فَأمكن مِنْهُم وَالله عليم حَكِيم (٧١) إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا﴾
وَرُوِيَ أَنه لما نزلت الْآيَة الأولى كف أَصْحَاب رَسُول الله أَيْديهم عَمَّا أخذُوا من الْفِدَاء، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة إِلَى آخرهَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا النَّبِي قل لمن فِي أَيْدِيكُم من الأسرى﴾ نزلت هَذِه الْآيَة فِي الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب، فَإِنَّهُ أسر يَوْم بدر، وَكَانَت مَعَه عشرُون أُوقِيَّة من الذَّهَب فَأخذت مِنْهُ، ثمَّ قَالَ لَهُ النَّبِي: " افْدِ نَفسك وَابْني أَخِيك - يَعْنِي عقيلا ونوفلا - فَقَالَ: مَالِي شَيْء، وَقد أَخَذْتُم مَا كَانَ معي، قَالَ: أَيْن المَال الَّذِي دَفعته إِلَى أم الْفضل وَقلت: إِن أصبت فِي هَذَا الْوَجْه فلعبد الله كَذَا، وللفضل كَذَا، ولقثم كَذَا؟ فَقَالَ: وَالله مَا كَانَ مَعنا أحد، فَأَنا أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنَّك رَسُول الله؛ ثمَّ إِنَّه فَادى نَفسه وَابْني أَخِيه، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة إِلَى آخرهَا ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن يعلم الله فِي قُلُوبكُمْ خيرا﴾ مَعْنَاهُ: إِن يعلم فِي قُلُوبكُمْ إِيمَانًا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يُؤْتكُم خير مِمَّا أَخذ مِنْكُم﴾ قَالَ الْعَبَّاس: فقد آتَانِي الله خيرا مِمَّا أَخذ مني، وَكَانَ لَهُ عشرُون عبدا يتجر كل عبد فِي عشْرين ألف دِرْهَم.
وَقَوله: ﴿وَيغْفر لكم وَالله غَفُور رَحِيم﴾ قَالَ الْعَبَّاس: وَأَنا أَرْجُو من الله الْمَغْفِرَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن يُرِيدُوا خِيَانَتك﴾ الْخِيَانَة: ضد الْأَمَانَة؛ وَمَعْنَاهُ: إِن أَرَادوا أَن يكفروا بك ﴿فقد خانوا الله من قبل﴾ أَي: قد كفرُوا بِاللَّه من قبل.
قَوْله: ﴿فَأمكن مِنْهُم﴾ يَعْنِي: مكن مِنْهُم ﴿وَالله عليم حَكِيم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله﴾ الْآيَة، الْهِجْرَة: هِيَ الْخُرُوج من الوطن إِلَى غَيره، وَقد كَانَت فرضا فِي ابْتِدَاء


الصفحة التالية
Icon