﴿بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم فِي سَبِيل الله وَالَّذين آووا ونصروا أُولَئِكَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا مَا لكم من ولايتهم من شَيْء حَتَّى يهاجروا وَإِن استنصروكم فِي الدّين فَعَلَيْكُم النَّصْر إِلَّا على قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير (٧٢) وَالَّذين كفرُوا بَعضهم أَوْلِيَاء بعض إِلَّا تفعلوه تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد كَبِير (٧٣) ﴾ الْإِسْلَام، فَلَمَّا كَانَ يَوْم فتح مَكَّة قَالَ النَّبِي: " لَا هِجْرَة بعد الْيَوْم ".
وَرُوِيَ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ: الْهِجْرَة قَائِمَة إِلَى قيام السَّاعَة، فعلى أهل الْبَوَادِي إِذا أَسْلمُوا أَن يهاجروا إِلَى الْأَمْصَار.
قَوْله: ﴿وَالَّذين آووا ونصروا﴾ هَؤُلَاءِ أهل الْمَدِينَة؛ وَمعنى الإيواء: ضمهم الْمُهَاجِرين إِلَى أنفسهم فِي الْأَمْوَال والمساكن.
قَوْله: ﴿أُولَئِكَ بَعضهم أَوْلِيَاء بعض﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أُولَئِكَ أعوان بعض.
وَالْقَوْل الثَّانِي مَعْنَاهُ: يَرث بَعضهم من بعض.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين آمنُوا وَلم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شَيْء حَتَّى يهاجروا﴾ قطع الْمُوَالَاة بَين الْمُسلمين وَبينهمْ حَتَّى يهاجروا، وَكَانَ المُهَاجر لَا يَرث من الْأَعرَابِي، وَلَا الْأَعرَابِي من المُهَاجر، ثمَّ قَالَ: ﴿وَإِن استنصروكم فِي الدّين فَعَلَيْكُم النَّصْر﴾ يَعْنِي: وَإِن استنصروكم الَّذين لم يهاجروا فَعَلَيْكُم النَّصْر، ثمَّ اسْتثْنى وَقَالَ: ﴿إِلَّا على قوم بَيْنكُم وَبينهمْ مِيثَاق﴾ أَي: موادعة، فَلَا تنصروهم عَلَيْهِم. قَوْله: ﴿وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير﴾ مَعْنَاهُ ظَاهر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين كفرُوا بَعضهم أَوْلِيَاء بعض﴾ يَعْنِي: أَن بَعضهم أعوان بعض.
وَالْقَوْل الثَّانِي: إِن بَعضهم يَرث من الْبَعْض.
وَقَوله ﴿إِلَّا تفعلوه﴾ يَعْنِي: إِن لم تقبلُوا هَذَا الحكم ﴿تكن فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَاد كَبِير﴾ الْفِتْنَة فِي الأَرْض: قُوَّة الْكفْر، وَالْفساد الْكَبِير: ضعف الْإِيمَان.


الصفحة التالية
Icon