﴿وَالْيَوْم الآخر وجاهد فِي سَبِيل الله لَا يستوون عِنْد الله وَالله لَا يهدي الْقَوْم الظَّالِمين (١٩) الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم أعظم دَرَجَة عِنْد الله وَأُولَئِكَ هم الفائزون (٢٠) يبشرهم رَبهم برحمة مِنْهُ﴾
وَفِي رِوَايَة عَائِشَة - رَضِي الله عَنْهَا - أَن النَّبِي قَالَ " من بنى مَسْجِدا وَلَو كمفحص قطاة؛ بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذين آمنُوا وَهَاجرُوا وَجَاهدُوا فِي سَبِيل الله بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم أعظم دَرَجَة عِنْد الله﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ يَسْتَقِيم قَوْله: ﴿أعظم دَرَجَة عِنْد الله﴾ وَلَيْسَ للْمُشْرِكين دَرَجَة أصلا؟ الْجَواب من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أعظم دَرَجَة من درجتهم على تقديرهم فِي أنفسهم؛ وَهَذَا مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿أَصْحَاب الْجنَّة يَوْمئِذٍ خير مُسْتَقرًّا وَأحسن مقيلا﴾ وَمَعْنَاهُ: على تقديرهم فِي أنفسهم.
وَالثَّانِي: أَن هَؤُلَاءِ الصِّنْف من الْمُؤمنِينَ أعظم دَرَجَة عِنْد الله من غَيرهم.
ثمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأُولَئِكَ هم الفائزون﴾ الفائز: الَّذِي ظفر بأمنيته.
ثمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿يبشرهم رَبهم برحمة﴾ الْآيَة. والبشارة: خبر سَار صدق؛ يُسمى بِشَارَة لِأَنَّهُ تَتَغَيَّر بِهِ بشرة الْوَجْه.