﴿ثمَّ يَتُوب الله من بعد ذَلِك على من يَشَاء وَالله غَفُور رَحِيم (٢٧) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا وَإِن﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وعذب الَّذين كفرُوا﴾ يَعْنِي: بِالْقَتْلِ والأسر، ﴿وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافرين﴾ مَعْنَاهُ ظَاهر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ يَتُوب الله من بعد ذَلِك على من يَشَاء وَالله غَفُور رَحِيم﴾ مَعْنَاهُ ظَاهر وَهَذَا فِي الَّذين كفوا عَن الْقَتْل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا إِنَّمَا الْمُشْركُونَ نجس﴾ معنى قَوْله ﴿نجس﴾ قذر، فَإِذا ضم إِلَى غَيره قيل: رِجْس نجس، وَإِذا أفرد قيل: نجس.
رُوِيَ عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه قَالَ: نجاستهم كنجاسة الْكَلْب وَالْخِنْزِير.
وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: إِذا صَافح مُسلم كَافِرًا يجب عَلَيْهِ غسل يَده.
وَالصَّحِيح أَن المُرَاد من الْآيَة: أَنه يجب الاجتناب مِنْهُم كَمَا يجب الاجتناب من النَّجَاسَات. وَقيل إِن معنى قَوْله ﴿نجس﴾ : أَنهم يجنبون فَلَا يغتسلون، ويحدثون فَلَا يَتَوَضَّئُونَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا يقربُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا﴾ هَذَا خبر بِمَعْنى أَمر، وَمَعْنَاهُ: لَا تخلوهم أَن يدخلُوا الْمَسْجِد الْحَرَام بعد عَامهمْ هَذَا.
وَمذهب الْمَدَنِيين: أَن الْمَسْجِد الْحَرَام هُوَ جَمِيع الْحرم، وَلَا يتْرك كَافِر يدْخلهُ، وَإِن كَانَ معاهدا أَو عبدا، وَهَذَا قَول عمر بن عبد الْعَزِيز وَجَمَاعَة.
وَمذهب الْكُوفِيّين: أَنه يجوز أَن يدْخلهُ الْمعَاهد وَالْعَبْد، وَهَذَا مَرْوِيّ عَن جَابر.
وَقَوله: ﴿وَإِن خِفْتُمْ عيلة﴾ يَعْنِي: فقرا. وَفِي مصحف عبد الله بن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ -: " وَإِن خِفْتُمْ عائلة " يَعْنِي: أمرا شاقا، يُقَال: عالني الْأَمر، أَي: شقّ عَليّ.
وَسبب نزُول الْآيَة: أَن أهل مَكَّة إِنَّمَا كَانَت مَعَايشهمْ من التِّجَارَات والأرباح، فَلَمَّا أَمر الله تَعَالَى الْمُسلمين أَن لَا يخلوا الْكفَّار أَن يدخلُوا الْمَسْجِد الْحَرَام، قَالُوا: فَكيف