﴿خِفْتُمْ عيلة فَسَوف يغنيكم الله من فَضله إِن شَاءَ إِن الله عليم حَكِيم (٢٨) قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر وَلَا يحرمُونَ مَا حرم الله وَرَسُوله وَلَا يدينون دين الْحق من الَّذين أُوتُوا الْكتاب حَتَّى يُعْطوا الْجِزْيَة عَن يَد وهم﴾ أَمر مَعَايِشنَا؟ وخافوا الْفقر وضيق الْعَيْش، فَقَالَ الله تَعَالَى لَهُم: ﴿وَإِن خِفْتُمْ عيلة فَسَوف يغنيكم الله من فَضله إِن شَاءَ﴾ فَروِيَ أَنه أسلم أهل جرش - بِالْجِيم مُعْجمَة - وَصَنْعَاء، وَسَائِر نواحي الْيمن، وجلبوا الْميرَة الْكَثِيرَة إِلَى أهل مَكَّة، ووسع الله عَلَيْهِم ﴿إِن الله عليم حَكِيم﴾ وَمَعْنَاهُ ظَاهر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَاتلُوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الآخر وَلَا يحرمُونَ مَا حرم الله وَرَسُوله﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: إِن أهل الْكِتَابَيْنِ يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر، فَكيف معنى الْآيَة؟
الْجَواب من وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَنهم لَا يُؤمنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر كَإِيمَانِ الْمُؤمنِينَ؛ فَإِنَّهُم قَالُوا: عُزَيْر ابْن الله، وَقَالُوا: الْمَسِيح ابْن الله، وَقَالَت الْيَهُود: لَا أكل وَلَا شرب فِي الْجنَّة.
وَالْجَوَاب الثَّانِي: أَن كفرهم ككفر من لَا يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر فِي عظم الجرم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا يدينون دين الْحق﴾ قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: وَلَا يطيعون الله كطاعة أهل الْحق.
قَوْله: ﴿من الَّذين أُوتُوا الْكتاب حَتَّى يطعوا الْجِزْيَة عَن يَد وهم صاغرون﴾ قَالَ قَتَادَة: " عَن يَد ": عَن قهر وذل. وَقَالَ غَيره: " عي يَد " أَي يُعْطي بِيَدِهِ. وَفِيه قَول ثَالِث: " عَن يَد " أَي: عَن إِقْرَار بإنعام أهل الْإِسْلَام عَلَيْهِم ﴿وهم صاغرون﴾ رُوِيَ عَن سلمَان الْفَارِسِي - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: مَعْنَاهُ: وهم مذمومون. وَعَن ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَنه قَالَ: يُؤْخَذ ويوجأ فِي عُنُقه، فَهَذَا معنى الصغار. وَقَالَ غَيره: يُؤْخَذ مِنْهُ وَهُوَ قَائِم، والآخذ جَالس. وَقيل: إِنَّه يلبب ويجر إِلَى مَوضِع الْإِعْطَاء بعنف. وَعند الشَّافِعِي - رَضِي الله عَنهُ - معنى الصغار: هُوَ جَرَيَان أَحْكَام الْإِسْلَام


الصفحة التالية
Icon