﴿يضل بِهِ الَّذين كفرُوا يحلونه عَاما ويحرمونه عَاما ليواطئوا عدَّة مَا حرم الله فيحلوا مَا حرم الله زين لَهُم سوء أَعْمَالهم وَالله لَا يهدي الْقَوْم الْكَافرين (٣٧) يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا مَا لكم إِذا قيل لكم انفروا فِي سَبِيل الله اثاقلتم إِلَى الأَرْض أرضيتم﴾
وَقَوله تَعَالَى: ﴿زِيَادَة فِي الْكفْر﴾ مَعْنَاهُ: زِيَادَة كفر على كفرهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يضل بِهِ الَّذين كفرُوا﴾ أَي: يضل الله بِهِ الَّذين كفرُوا، وقرىء " يضل بِهِ الَّذين كفرُوا " على مَا لم يسم فَاعله، وقرىء " يضل بِهِ الَّذين كفرُوا " وَهُوَ الْأَشْهر، وَهُوَ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يحلونه عَاما ويحرمونه عَاما﴾ قد ذكرنَا الْمَعْنى. قَوْله: ﴿ليواطئوا﴾ ليوافقوا، والمواطأة: الْمُوَافقَة، وَمَعْنَاهُ: ليوافقوا ﴿عدَّة مَا حرم الله﴾ يَعْنِي: عدد مَا حرم الله ﴿فيحلوا مَا حرم الله﴾ فيقولوا: أَرْبَعَة وَأَرْبَعَة. قَوْله: ﴿زين لَهُم سوء أَعْمَالهم وَالله لَا يهدي الْقَوْم الْكَافرين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَفِي الْآيَة قَول آخر: وَهُوَ أَن النسىء: تَأْخِير الْحَج كل عَام شهرا. قَالُوا: وَحج أَبُو بكر سنة تسع فِي ذِي الْقعدَة، وَحج رَسُول الله سنة عشر فِي ذِي الْحجَّة، وَهُوَ معنى قَوْله: " أَلا إِن الزَّمَان قد اسْتَدَارَ كَهَيْئَته " الْخَبَر الَّذِي ذكرنَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا مالكم إِذا قيل لكم انفروا فِي سَبِيل الله اثاقلتم إِلَى الأَرْض﴾ نزلت الْآيَة فِي غَزْوَة تَبُوك، وَكَانَت الْغَزْوَة فِي حارة القيظ حِين أينعت الثِّمَار وَطَابَتْ الظلال فشق على الْمُسلمين مشقة شَدِيدَة وتخلف بَعضهم بالعذر، وتخلف بَعضهم بِلَا عذر، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة.
وَقَوله: ﴿اثاقلتم إِلَى الأَرْض﴾ أَي: تثاقلتم؛ وَحَقِيقَة الْمَعْنى: قعدتم عَن الْغَزْو وكرهتم الْخُرُوج.