﴿بِجُنُود لم تَرَوْهَا وَجعل كلمة الَّذين كفرُوا السُّفْلى وَكلمَة الله هِيَ الْعليا وَالله عَزِيز حَكِيم (٤٠) انفروا خفافا وثقالا وَجَاهدُوا بأموالكم وَأَنْفُسكُمْ فِي سَبِيل الله ذَلِكُم خير لكم إِن كُنْتُم تعلمُونَ (٤١) لَو كَانَ عرضا قَرِيبا وسفرا قَاصِدا لاتبعوك﴾
الْقلب؛ وَأَبُو بكر - رَضِي الله عَنهُ - كَانَ هُوَ الْخَائِف والحزين دون رَسُول الله.
وَفِي الْآيَة قَول ثَالِث: أَن السكينَة نزلت عَلَيْهِمَا؛ وَنقل فِي مصحف حَفْصَة - رَضِي الله عَنْهَا - " فَأنْزل الله سكينته عَلَيْهِمَا وأيدهما بِجُنُود لم تَرَوْهَا " قَوْله: ﴿وأيده بِجُنُود لم تَرَوْهَا﴾ الْجنُود هَاهُنَا: الْمَلَائِكَة، نزلُوا فَألْقوا الرعب فِي قُلُوب الْكفَّار حَتَّى رجعُوا. قَوْله: ﴿وَجعل كلمة الَّذين كفرُوا السُّفْلى﴾ كلمتهم: الشّرك؛ وَهِي السُّفْلى إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ﴿وَكلمَة الله هِيَ الْعليا﴾ يَعْنِي: لَا إِلَه إِلَّا الله، وَهِي الْعليا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. قَوْله: ﴿وَالله عَزِيز حَكِيم﴾ قد بَينا معنى الْعَزِيز الْحَكِيم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿انفروا خفافا وثقالا﴾ يُقَال: إِن هَذِه الْآيَة أول آيَة أنزلت من سُورَة التَّوْبَة.
قَوْله: ﴿خفافا وثقالا﴾ فِيهِ أَقْوَال: رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس وَقَتَادَة أَنَّهُمَا قَالَا: نشاطا وَغير نشاط. قَالَ الْأَزْهَرِي: النشاط جمع النشيط.
وَالْقَوْل الثَّانِي: قَول الْحسن الْبَصْرِيّ: انفروا فِي الْيُسْر والعسر. وَهَذَا قَول حسن. وَعَن الحكم بن عتيبة: مشاغيل وَغير مشاغيل. وَعَن أبي طَلْحَة صَاحب النَّبِي:
شُيُوخًا وشبابا. وَفِيه قَول خَامِس: رجالة وركبانا. ﴿وَجَاهدُوا بأموالكم وَأَنْفُسكُمْ فِي سَبِيل الله ٠٠٠﴾ إِلَى آخر الْآيَة، مَعْنَاهُ ظَاهر، وَقيل: إِن هَذِه الْآيَة مَنْسُوخَة بقوله تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لينفروا كَافَّة﴾ الْآيَة، وَالله أعلم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَو كَانَ عرضا قَرِيبا وسفرا قَاصِدا لاتبعوك﴾ أَي: لَو كَانَت غنيمَة قريبَة المتناول ﴿وسفرا قَاصِدا﴾ أَي: سفرا قَصِيرا سهلا [قَرِيبا] ﴿لاتبعوك﴾ أَي:


الصفحة التالية
Icon