﴿وَنحن نتربص بكم أَن يُصِيبكُم الله بِعَذَاب من عِنْده أَو بِأَيْدِينَا فتربصوا إِنَّا مَعكُمْ متربصون (٥٢) قل أَنْفقُوا طَوْعًا أَو كرها لن يتَقَبَّل مِنْكُم إِنَّكُم كُنْتُم قوما فاسقين (٥٣) وَمَا مَنعهم أَن تقبل مِنْهُم نفقاتهم إِلَّا أَنهم كفرُوا بِاللَّه وبرسوله وَلَا يأْتونَ﴾ تثنيه الْحسنى: الحسنيان، أَحدهمَا: الظفر، وَالْأُخْرَى: الشَّهَادَة.
وروى أَبُو هُرَيْرَة عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " ضمن الله لمن خرج فِي سَبيله إِيمَانًا واحتسابا أَن يدْخلهُ الْجنَّة، أَو يرجعه إِلَى منزله الَّذِي خرج مِنْهُ مَعَ مَا نَالَ من أجر أَو غنيمَة ".
وَقَوله: ﴿وَنحن نتربص بكم﴾ أَي: نَنْتَظِر بكم ﴿أَن يُصِيبكُم الله بِعَذَاب من عِنْده أَو بِأَيْدِينَا﴾ الْعَذَاب من عِنْده هُوَ القارعة تنزل من السَّمَاء، وَالْعَذَاب بأيدي الْمُؤمنِينَ هُوَ الْعَذَاب بِالسَّيْفِ ﴿فتربصوا إِنَّا مَعكُمْ متربصون﴾ فانتظروا إِنَّا مَعكُمْ منتظرون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل أَنْفقُوا طَوْعًا أَو كرها﴾ هَذَا أَمر بِمَعْنى الشَّرْط، وَمَعْنَاهُ: إِن أنفقتم طَوْعًا أَو كرها ﴿لن يتَقَبَّل مِنْكُم إِنَّكُم كُنْتُم قوما فاسقين﴾ لأنكم كُنْتُم قوما فاسقين، وَالْفِسْق هَاهُنَا هُوَ الْكفْر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا مَنعهم أَن تقبل مِنْهُم نفقاتهم إِلَّا أَنهم كفرُوا بِاللَّه وبرسوله﴾ مَعْنَاهُ: أَن الْمَانِع من قبُول نفقاتهم كفرهم بِاللَّه وبرسوله.
وَقَوله: ﴿وَلَا يأْتونَ الصَّلَاة إِلَّا وهم كسَالَى﴾ أَي: متثاقلين. فَإِن قيل: كَيفَ ذكر الكسل فِي الصَّلَاة وَلَا صَلَاة أصلا؟
قُلْنَا: الذَّم وَاقع على الْكفْر الَّذِي يبْعَث على الكسل؛ فَإِن الْكفْر مكسل وَالْإِيمَان منشط، وَيُقَال: أصل كل كفر الكسل، وَفِي الْمثل: الكسل أحلى من الْعَسَل ﴿وَلَا يُنْفقُونَ إِلَّا وهم كَارِهُون﴾ مَعْلُوم الْمَعْنى. وَحَقِيقَة الْمَعْنى فِي الْكل: أَنهم لَا يصلونَ وَلَا يُنْفقُونَ إِلَّا خوفًا، فَأَما تقربا إِلَى الله فَلَا.