﴿وَالْآخِرَة وَمَا لَهُم فِي الأَرْض من ولي وَلَا نصير (٧٤) وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا من فَضله لنصدقن ولنكونن من الصَّالِحين (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُم من فَضله بخلوا﴾ أَنه صَحَّ إيمَانه وَاسْتشْهدَ يَوْم الْيَمَامَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن يتولوا يعذبهم الله عذَابا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمَا لَهُم فِي الأَرْض من ولي وَلَا نصير﴾ إِلَى آخر الْآيَة، مَعْنَاهُ ظَاهر.
وَيُقَال فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا نقموا إِلَّا أَن أغناهم الله﴾ يَعْنِي: لَيست لَهُم كَرَاهَة وَلَا نقمة، وَهَذَا مثل قَول الشَّاعِر:

(وَلَا عيب فِينَا غير أَن سُيُوفنَا بِهن فلول من قراع الْكَتَائِب)
يَعْنِي: لَا عيب فِينَا أصلا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمِنْهُم من عَاهَدَ الله لَئِن آتَانَا من فَضله لنصدقن ولنكونن من الصَّالِحين﴾ أَي: لنتصدقن، وأدغمت التَّاء فِي الصَّاد وشددت، أَي: لنصدقن فِي وُجُوه الْخَيْر من الْجِهَاد وَغَيره، ولنكونن من الصَّالِحين. قيل: مثل عُثْمَان بن عَفَّان وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَغَيرهمَا فِي الْبَذْل وَالعطَاء.
فِي الْآيَة قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنَّهَا نزلت فِي رجل من الْأَنْصَار كَانَ لَهُ مَال غَائِب، فَقَالَ: إِن رد الله على مَالِي لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَكَذَا، فَرد الله عَلَيْهِ مَاله فَلم يفعل شَيْئا، فَأنْزل الله تَعَالَى فِيهِ هَذِه الْآيَة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنَّهَا نزلت فِي ثَعْلَبَة بن حَاطِب. روى أَبُو أُمَامَة الْبَاهِلِيّ: " أَن ثَعْلَبَة ابْن حَاطِب جَاءَ إِلَى النَّبِي وَقَالَ: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا، فَقَالَ: قَلِيل يَكْفِيك خير من كثير لَا تقوم بِحقِّهِ فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا، فَقَالَ: أما ترْضى أَن تكون مثل رَسُول الله، فوَاللَّه لَو أردْت أَن تسير معي الْجبَال ذَهَبا وَفِضة لَسَارَتْ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ادْع الله أَن يَرْزُقنِي مَالا، فوَاللَّه لاؤدين إِلَى كل ذِي حق حَقه، فَدَعَا رَسُول الله وَقَالَ: اللَّهُمَّ ارْزُقْ ثَعْلَبَة مَالا، قَالَ: فَاتخذ غنما فَنمت كَمَا يَنْمُو الدُّود حَتَّى ضَاقَتْ بهَا أَزِقَّة الْمَدِينَة، فَخرج بهَا إِلَى الصَّحرَاء


الصفحة التالية
Icon