﴿بِهِ وتولوا وهم معرضون (٧٦) فأعقبهم نفَاقًا فِي قُلُوبهم إِلَى يَوْم يلقونه بِمَا أخْلفُوا الله مَا وعدوه وَبِمَا كَانُوا يكذبُون (٧٧) ألم يعلمُوا أَن الله يعلم سرهم﴾ وَجعل يحضر الصَّلَوَات الْخمس، ثمَّ نمت حَتَّى ضَاقَتْ بهَا مرَاعِي الْمَدِينَة، فَقَالَ فَبعد بهَا وَجعل لَا يحضر إِلَّا الْجُمُعَة، ثمَّ ترك حُضُور الصَّلَوَات وَالْجُمُعَة جَمِيعًا. قَالَ: فَبعث رَسُول الله مصدقه ليَأْخُذ الزَّكَاة، فَمر عَلَيْهِ وطالبه بِالزَّكَاةِ، فَقَالَ: مَا أرى هَذَا إِلَّا أُخْت الْجِزْيَة، اذْهَبْ حَتَّى تعود إِلَيّ، فَلَمَّا عَاد إِلَيْهِ لم يُعْط شَيْئا، وَقَالَ: حَتَّى ألْقى رَسُول الله، فَرجع الْمُصدق وَأخْبر النَّبِي بأَمْره، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة، فَروِيَ أَنه ذكر لَهُ أَنه نزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة فَحَضَرَ الْمَدِينَة وَقَالَ: يَا رَسُول الله، خُذ مني الزَّكَاة، فَأبى أَن يَأْخُذ، فَلَمَّا توفّي رَسُول الله جَاءَ إِلَى أبي بكر وَطلب أَن يَأْخُذ مِنْهُ الزَّكَاة، فَقَالَ: مَا أَخذ رَسُول الله؛ فَلَا آخذ أَنا، وَهَكَذَا فِي زمَان عمر وزمان عُثْمَان، وَتُوفِّي فِي زمَان عُثْمَان ".
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فأعقبهم نفَاقًا فِي قُلُوبهم﴾ فِيهِ مَعْنيانِ:
أَحدهمَا: فعاقبهم نفَاقًا فِي قُلُوبهم، يُقَال: أعقبه وعاقبه بِمَعْنى وَاحِد.
وَالْمعْنَى الثَّانِي: أخلفهم نفَاقًا فِي قُلُوبهم.
﴿إِلَى يَوْم يلقونه﴾ يَوْم الْقِيَامَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿بِمَا أخْلفُوا الله مَا وعدوه وَبِمَا كَانُوا يكذبُون﴾.
ثمَّ قَالَ: ﴿ألم يعلمُوا أَن الله يعلم سرهم ونجواهم﴾ يَعْنِي: مَا أضمروا فِي قُلُوبهم


الصفحة التالية
Icon