﴿ونجواهم وَأَن الله علام الغيوب (٧٨) الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ فيسخرون مِنْهُم سخر الله مِنْهُم وَلَهُم عَذَاب أَلِيم (٧٩) اسْتغْفر لَهُم أَولا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ﴾ وَمَا تناجوا بِهِ بَينهم ﴿وَأَن الله علام الغيوب﴾ مَعْنَاهُ ظَاهر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذين يَلْمِزُونَ الْمُطوِّعين من الْمُؤمنِينَ فِي الصَّدقَات﴾ يَلْمِزُونَ: يعيبون.
وَسبب نزُول الْآيَة: " أَن النَّبِي حث النَّاس على الصَّدَقَة، فجَاء عبد الرَّحْمَن بن عَوْف بأَرْبعَة آلَاف دِينَار - وَكَانَ ذَلِك نصف مَاله - وَجَاء عَاصِم بن عدي بثلثمائة وسق من تمر - والوسق حمل بعير - وَجَاء أَبُو عقيل - رجل من الْأَنْصَار - بِصَاع من تمر، وَقَالَ: كَانَ لي صَاعَانِ من تمر فَجئْت بِأَحَدِهِمَا، فَقَالَ المُنَافِقُونَ: أما عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف وَعَاصِم بن عدي: فأعطيا مَا أعطيا رِيَاء، وَأما أَبُو عقيل: فَمَا كَانَ أغْنى الله من صَاع أبي عقيل، فَأنْزل الله تَعَالَى فيهم هَذِه الْآيَة ". ﴿والمطوعين﴾ المتطوعين من الْمُؤمنِينَ، هُوَ عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَعَاصِم بن عدي ﴿وَالَّذين لَا يَجدونَ إِلَّا جهدهمْ﴾ هُوَ أَبُو عقيل. والجهد: الطَّاقَة ﴿فيسخرون مِنْهُم﴾ يستهزئون مِنْهُم ﴿سخر الله مِنْهُم﴾ جازاهم جَزَاء السخرية ﴿وَلَهُم عَذَاب أَلِيم﴾.
قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿اسْتغْفر لَهُم أَو لَا تستغفر لَهُم إِن تستغفر لَهُم سبعين مرّة فَلَنْ يغْفر الله لَهُم﴾ الْآيَة. أَرَادَ بِهِ إِثْبَات الْيَأْس عَن طمع الْمَغْفِرَة لَهُم.
وَرُوِيَ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه روى عَن النَّبِي مُرْسلا أَنه قَالَ: " وَالله لأزيدن على السّبْعين " فَأنْزل الله عز وَجل: ﴿سَوَاء عَلَيْهِم استغفرت لَهُم أم لم تستغفر لَهُم لن يغْفر الله لَهُم﴾ وَذكر عدد السّبْعين للْمُبَالَغَة فِي إِثْبَات الْيَأْس ﴿إِن الله لَا يهدي الْقَوْم الْفَاسِقين﴾ مَعْنَاهُ مَعْلُوم.


الصفحة التالية
Icon