﴿وَجَاهدُوا مَعَ رَسُوله استئذنك أولُوا الطول مِنْهُم وَقَالُوا ذرنا نَكُنْ مَعَ القاعدين (٨٦) رَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِف وطبع على قُلُوبهم فهم لَا يفقهُونَ (٨٧) لَكِن الرَّسُول وَالَّذين آمنُوا مَعَه جاهدوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم وَأُولَئِكَ لَهُم الْخيرَات وَأُولَئِكَ هم المفلحون (٨٨) أعد الله لَهُم جنَّات تجْرِي من تحتهَا الْأَنْهَار خَالِدين﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا أنزلت سُورَة أَن آمنُوا بِاللَّه وَجَاهدُوا مَعَ رَسُوله﴾ معنى الْآيَة ظَاهر.
وَقَوله: ﴿استأذنك أولُوا الطول مِنْهُم﴾ الطول: هُوَ السعَة والغنا بِإِجْمَاع الْمُفَسّرين، وَقيل: إِنَّه إِنَّمَا سميت السعَة طولا؛ لِأَن الْإِنْسَان يَتَطَاوَل بهَا النَّاس.
وَقَوله: ﴿وَقَالُوا ذرنا نَكُنْ مَعَ القاعدين﴾ يَعْنِي: مَعَ القاعدين عَن الْجِهَاد.
ثمَّ قَالَ: ﴿رَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِف﴾ قَالَ قَتَادَة: الْخَوَالِف: هم النِّسَاء. وَقَالَ غَيره: هم أدنياء النَّاس وسفلتهم، يُقَال: فلَان خَالفه قومه إِذا كَانَ دونهم. قَوْله: ﴿وطبع الله على قُلُوبهم فهم لَا يفقهُونَ﴾ طبع: ختم، وَيُقَال: الطبائع نكت سَوْدَاء تقع على الْقلب، يعرف بهَا الْملك الْمُنَافِق من الْمُؤمن.
قَوْله تَعَالَى: ﴿لَكِن الرَّسُول وَالَّذين آمنُوا مَعَه جاهدوا بِأَمْوَالِهِمْ وأنفسهم﴾ مَعْنَاهُ مَعْلُوم.
وَقَوله: ﴿وَأُولَئِكَ لَهُم الْخيرَات﴾ فِيهِ أَقْوَال:
أَحدهَا: أَن الْخيرَات: هِيَ الْغَنَائِم، وَالْآخر: أَن الْخيرَات: هِيَ الْحور فِي الْجنَّة، وواحدتها: خيرة؛ قَالَ الله تَعَالَى: ﴿فِيهِنَّ خيرات حسان﴾ يَعْنِي: الْحور.
وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الْخيرَات لَا يعلم مَعْنَاهَا إِلَّا الله. حُكيَ هَذَا عَن ابْن عَبَّاس، وَمثل هَذَا: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَا تعلم نفس مَا أخْفى لَهُم من قُرَّة أعين﴾.
﴿وَأُولَئِكَ هم المفلحون﴾ قد بَينا الْمَعْنى.


الصفحة التالية
Icon