﴿لله وَرَسُوله مَا على الْمُحْسِنِينَ من سَبِيل وَالله غَفُور رَحِيم (٩١) وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم قلت لَا أجد مَا أحملكم عَلَيْهِ توَلّوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أَلا يَجدوا مَا يُنْفقُونَ (٩٢) إِنَّمَا السَّبِيل على الَّذين يَسْتَأْذِنُونَك وهم أَغْنِيَاء رَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِف وطبع الله على قُلُوبهم فهم لَا يعلمُونَ (٩٣) ﴾ لله وَرَسُوله) يَعْنِي: أَخْلصُوا الْعَمَل لله وَلِرَسُولِهِ، وإخلاص الْعَمَل لله بِالْعبَادَة، وَلِلرَّسُولِ بالمتابعة. قَوْله تَعَالَى: ﴿مَا على الْمُحْسِنِينَ من سَبِيل﴾ مَعْنَاهُ: لَيْسَ على من أحسن بالإخلاص سَبِيل، والسبيل: هُوَ الْعقُوبَة ﴿وَالله غَفُور رَحِيم﴾. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَرَأَ: " وَالله لأهل الْإِسَاءَة غَفُور رَحِيم ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا على الَّذين إِذا مَا أتوك لتحملهم﴾ مَعْنَاهُ: لَا سَبِيل على الْأَوَّلين وَلَا على هَؤُلَاءِ، قَالَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق: نزلت الْآيَة فِي سَبْعَة نفر، مِنْهُم عبد الله بن الْمُغَفَّل الْمُزنِيّ، والعرباض بن سَارِيَة، وَأَبُو (ليلى) عبد الرَّحْمَن بن كَعْب، سموا البكائين. وَرُوِيَ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ هَذَا فِي أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ وَأَصْحَابه.
وَاخْتلف القَوْل فِي قَوْله: ﴿لتحملهم﴾ أحد الْقَوْلَيْنِ - وَهُوَ الْمَعْرُوف -: أَنهم طلبُوا الْإِبِل ليركبوها. وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنهم طلبُوا النِّعَال. هَذَا قَول الْحسن بن صَالح.
وَقَوله: ﴿قلت لَا أجد مَا أحملكم عَلَيْهِ توَلّوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أَلا يَجدوا مَا يُنْفقُونَ﴾ مَعْنَاهُ ظَاهر. وَفِي بعض الْأَخْبَار: أَن النَّبِي قَالَ: " لَا يزَال أحدكُم رَاكِبًا مادام متنعلا ".
ثمَّ قَالَ ﴿إِنَّمَا السَّبِيل على الَّذين يَسْتَأْذِنُونَك وهم أَغْنِيَاء رَضوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِف﴾ الْخَوَالِف: النِّسَاء وَالصبيان؛ يُقَال: خَالف وخوالف، كَمَا يُقَال: فَارس وفوارس، وهالك وهوالك. ﴿طبع الله على قُلُوبهم فهم لَا يعلمُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.


الصفحة التالية
Icon