( ﴿٩٦) الْأَعْرَاب أَشد كفرا ونفاقا وأجدر أَلا يعلمُوا حُدُود مَا أنزل الله على رَسُوله وَالله عليم حَكِيم (٩٧) وَمن الْأَعْرَاب من يتَّخذ مَا ينْفق مغرما ويتربص بكم﴾ بتبوك، فَقَالَ النَّاس: يَا رَسُول الله، هَذَا رَاكب قد أقبل، فَقَالَ رَسُول الله: كن أَبَا خَيْثَمَة فَقَالَ النَّاس: هُوَ أَبُو خَيْثَمَة ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿الْأَعْرَاب أَشد كفرا ونفاقا وأجدر أَلا يعلمُوا حُدُود مَا أنزل الله﴾ معنى أَجْدَر: أخلق وَأَحْرَى أَن لَا يعلمُوا حُدُود مَا أنزل الله ﴿على رَسُوله﴾ وَهَذَا لبعدهم من سَماع الْقُرْآن وَمَعْرِفَة السّنَن. وَفِي بعض الْأَخْبَار: " أهل الكفور هم أهل الْقُبُور ". وَفِي آثَار التَّابِعين عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: أَن أَعْرَابِيًا جلس عِنْد زيد بن صوحان - وَكَانَت شِمَاله أُصِيبَت يَوْم نهاوند فِي حَرْب الْعَجم - فَجعل يكلمهُ وَيذكر لَهُ الْعلم، فَقَالَ لَهُ الْأَعرَابِي: إِنَّه ليؤنسني علمك وتريبني يدك، فَقَالَ لَهُ زيد: وَمَا يريبك مني وَإِنَّهَا الشمَال؟ فَقَالَ الْأَعرَابِي: إِنِّي مَا أَدْرِي الشمَال تقطع أم الْيَمين؟ فَقَالَ زيد بن صوحان: صدق الله تَعَالَى: ﴿الْأَعْرَاب أَشد كفرا ونفاقا﴾.
وَزيد بن صوحان من كبار التَّابِعين، وَهُوَ الَّذِي ذكر رَسُول الله فِي شَأْنه أَن يَده تسبقه إِلَى الْجنَّة. ﴿وَالله سميع عليم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن الْأَعْرَاب من يتَّخذ مَا ينْفق مغرما﴾ المغرم: الْتِزَام مَا لَا يلْزم، قَالَ الشَّاعِر:

(فمالك مسلوب العدا كَأَنَّمَا ترى هجر ليلى مغرما أَنْت غارمه)
قَوْله: ﴿ويتربص بكم الدَّوَائِر﴾ أَي: ينْتَظر بكم الدَّوَائِر، والدوائر: جمع الدائرة،


الصفحة التالية
Icon