﴿الدَّوَائِر عَلَيْهِم دَائِرَة السوء وَالله سميع عليم (٩٨) وَمن الْأَعْرَاب من يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر ويتخذ مَا ينْفق قربات عِنْد الله وصلوات الرَّسُول أَلا إِنَّهَا قربَة لَهُم سيدخلهم الله فِي رَحمته إِن الله غَفُور رَحِيم (٩٩) وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ من﴾ والدائرة: انْتِقَال المحبوب إِلَى الْمَكْرُوه، وَقيل: الدَّوَائِر: صروف الدَّهْر.
ثمَّ قَالَ: ﴿عَلَيْهِم دَائِرَة السوء﴾ وقرىء: " دَائِرَة السوء " وَمَعْنَاهُ: أَن الْمَكْرُوه الْعَظِيم مَا يلحقهم. وَقَوله: ﴿وَالله سميع عليم﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن الْأَعْرَاب من يُؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر﴾ مَعْنَاهُ مَعْلُوم ﴿ويتخذ مَا ينْفق قربات عِنْد الله وصلوات الرَّسُول﴾ القربات جمع الْقرْبَة، والصلوات جمع الصَّلَاة؛ وَمعنى القربات: أَنه يطْلب الْقرْبَة إِلَى الله تَعَالَى، وَمعنى الصَّلَوَات: أَنه يطْلب الدُّعَاء من رَسُول الله.
وَاعْلَم أَن الصَّلَاة من الله الرَّحْمَة، وَمن الْمُؤمنِينَ الدُّعَاء، وَمن الْمَلَائِكَة الاسْتِغْفَار، قَالَ الْأَعْشَى:

(تَقول بِنْتي وَقد قربت مرتحلا يَا رب جنب أَبى الأوصاب والوجعا)
(عَلَيْك مثل الَّذِي صليت فاغتمضي عينا فَإِن لجنب الْمَرْء مُضْطَجعا)
ثمَّ قَالَ: ﴿أَلا إِنَّهَا قربَة لَهُم سيدخلهم الله فِي رَحمته﴾ أَي: فِي جنته ﴿إِن الله غَفُور رَحِيم﴾ مَعْلُوم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار﴾ هَذِه الْآيَة فِي السَّابِقين الْأَوَّلين، وَفِيهِمْ أَقْوَال:
أَحدهَا: قَول سعيد بن الْمسيب وَابْن سِيرِين وَجَمَاعَة، أَنهم قَالُوا: هم الَّذين صلوا إِلَى الْقبْلَتَيْنِ.


الصفحة التالية
Icon