﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا قَاتلُوا الَّذين يلونكم من الْكفَّار وليجدوا فِيكُم غلظة وَاعْلَمُوا أَن الله مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٢٣) وَإِذا مَا أنزلت سُورَة فَمنهمْ من يَقُول أَيّكُم زادته هَذِه إِيمَانًا فَأَما الَّذين آمنُوا فزادتهم إِيمَانًا وهم يستبشرون (١٢٤) وَأما الَّذين فِي قُلُوبهم مرض فزادتهم رجسا إِلَى رجسهم وماتوا وهم كافرون (١٢٥) أَولا يرَوْنَ أَنهم يفتنون فِي﴾ الْعلم أفضل من صَلَاة النَّافِلَة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا قَاتلُوا الَّذين يلونكم من الْكفَّار﴾ يَعْنِي: يقربون مِنْكُم. وَعَن عمر: هم الديلم، وَعَن غَيره: هم الرّوم ﴿وليجدوا فِيكُم غلظة﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: شجاعة. وَقَالَ الْحسن: صبرا على الْحَرْب ﴿وَاعْلَمُوا أَن الله مَعَ الْمُتَّقِينَ﴾ ظَاهر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا مَا أنزلت سُورَة فَمنهمْ من يَقُول أَيّكُم زادته هَذِه إِيمَانًا﴾ هَذَا فِي الْمُنَافِقين الَّذين كَانُوا يَقُولُونَ هَذَا القَوْل استهزاء، فَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿فَأَما الَّذين آمنُوا فزادتهم إِيمَانًا وهم يستبشرون﴾ وهم يفرحون.
ثمَّ قَالَ: ﴿وَأما الَّذين فِي قُلُوبهم مرض﴾ أَي: شكّ ونفاق ﴿فزادتهم رجسا إِلَى رجسهم وماتوا وهم كافرون﴾ أَي: كفر إِلَى كفرهم. فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ يزِيد إِنْزَال السُّورَة لَهُم كفرا؟
الْجَواب: أَنهم كَانُوا يكفرون بِكُل سُورَة أنزلهَا الله تَعَالَى، فَلَمَّا كفرُوا عِنْد إِنْزَال السُّورَة نسب كفرهم إِلَيْهَا، وَهَذَا كَمَا تَقول الْعَرَب: كفى بالسلامة دَاء؛ لِأَن الدَّاء يكون عِنْد طول السَّلامَة، قَالَ الشَّاعِر:


وَقَوله تَعَالَى: ﴿أَو لَا يرَوْنَ أَنهم يفتنون فِي كل عَام مرّة أَو مرَّتَيْنِ﴾ مَعْنَاهُ: يبتلون فِي كل عَام بالأمراض والشدائد، وَقيل: بِالْجِهَادِ مَعَ الْأَعْدَاء ﴿ثمَّ لَا يتوبون﴾ لَا يرجعُونَ إِلَى الله ﴿وَلَا هم يذكرُونَ﴾ وَلَا هم يتعظون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا مَا أنزلت سُورَة نظر بَعضهم إِلَى بعض﴾ الْآيَة، كَانَ المُنَافِقُونَ إِذا نزلت السُّورَة أَو شَيْء من الْقُرْآن يُومِئ بَعضهم إِلَى بعض، وَيَخَافُونَ مَعَ ذَلِك أَن


الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(أرى بَصرِي قد رَابَنِي بعد صِحَة وحسبك دَاء أَن تصح وتسلما)