﴿الصَّالِحَات بِالْقِسْطِ وَالَّذين كفرُوا لَهُم شراب من حميم وَعَذَاب أَلِيم بِمَا كَانُوا يكفرون (٤) هُوَ الَّذِي جعل الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نورا وَقدره منَازِل لِتَعْلَمُوا عدد السنين والحساب مَا خلق الله ذَلِك إِلَّا بِالْحَقِّ يفصل الْآيَات لقوم يعلمُونَ (٥) إِن فِي اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار وَمَا خلق الله فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض لآيَات لقوم يَتَّقُونَ (٦) إِن الَّذين لَا يرجون لقاءنا وَرَضوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا واطمأنوا بهَا وَالَّذين هم عَن أياتنا غافلون﴾ أَي: عَذَاب موجع بكفرهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي جعل الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نورا﴾ الْآيَة، الشَّمْس وَالْقَمَر جسمان نيران، أَحدهمَا أَضْوَأ من الآخر، وَقَوله: ﴿جعل الشَّمْس ضِيَاء﴾ أَي: ذَات ضِيَاء ﴿وَالْقَمَر نورا﴾ أَي: ذَا نور. وَقَوله: ﴿وَقدره منَازِل﴾ مِنْهُم من قَالَ: هَذَا ينْصَرف إِلَى الْقَمَر خَاصَّة، وَمِنْهُم من قَالَ: ينْصَرف إِلَيْهِمَا، إِلَّا أَنه اكْتفى بِذكر أَحدهمَا عَن الآخر.
ومنازل الْقَمَر ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ منزلا، أساميها مَعْلُومَة عِنْد الْعَرَب، تكون أَرْبَعَة عشر مِنْهَا ظَاهِرَة أبدا، وَأَرْبَعَة عشر مِنْهَا غَائِبَة أبدا، وَكلما طلع وَاحِد غَابَ وَاحِد، وَالْقَمَر ينزل كل لَيْلَة منزلا مِنْهَا.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿لِتَعْلَمُوا عدد السنين والحساب﴾ يَعْنِي: قدره منَازِل لِتَعْلَمُوا عدد السنين وحساب الشُّهُور وَالْأَيَّام. وَقَوله: ﴿مَا خلق الله ذَلِك إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ أَي: للحق.
قَوْله: ﴿يفصل الْآيَات لقوم يعلمُونَ﴾ مَعْلُوم الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن فِي اخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار﴾ مَعْنَاهُ مَعْلُوم إِلَى آخر الْآيَة، وَقد ذكرنَا من قبل.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين لَا يرجون لقاءنا﴾ قَوْله: " لَا يرجون " فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: لَا يخَافُونَ، وَالْآخر: لَا يطمعون.
وَقَوله: ﴿لقاءنا﴾ قد بَينا من قبل. وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَرَضوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ قَالَ قَتَادَة: لَهَا يطْلبُونَ وَبهَا يفرحون. وَقَوله تَعَالَى: ﴿واطمأنوا بهَا﴾ سكنوا إِلَيْهَا. قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالَّذين هم عَن آيَاتنَا غافلون﴾ الْغَفْلَة سَهْو يعتري الْقلب يصرفهُ عَن وجد