﴿قَائِما فَلَمَّا كشفنا عَنهُ ضره مر كَأَن لم يدعنا إِلَى ضرّ مَسّه كَذَلِك زين للمسرفين مَا كَانُوا يعْملُونَ (١٢) وَلَقَد أهلكنا الْقُرُون من قبلكُمْ لما ظلمُوا وجاءتهم رسلهم بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا ليؤمنوا كَذَلِك نجزي الْقَوْم الْمُجْرمين (١٣) ثمَّ جَعَلْنَاكُمْ خلائف فِي الأَرْض من﴾ كَانُوا يعْملُونَ) من الدُّعَاء عِنْد الْبلَاء، وَترك الشُّكْر عِنْد الرخَاء. وَفِيه معنى آخر: وَهُوَ أَنه كَمَا زين لكم أَعمالكُم، كَذَلِك زين للمسرفين الَّذين كَانُوا من قبلكُمْ أَعْمَالهم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد أهلكنا الْقُرُون من قبلكُمْ لما ظلمُوا وجاءتهم رسلهم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ مَعْنَاهُ مَعْلُوم. وَقَوله: ﴿وَمَا كَانُوا ليؤمنوا﴾ قَالَ الزّجاج: هَذَا فِي قوم علم الله أَنهم لَا يُؤمنُونَ. وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: مَنعهم الله من الْإِيمَان جَزَاء على كفرهم. قَوْله: ﴿كَذَلِك نجزي الْقَوْم الْمُجْرمين﴾ وَهَذَا دَلِيل على أَن قَول ابْن الْأَنْبَارِي أصح.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ جَعَلْنَاكُمْ خلائف فِي الأَرْض من بعدهمْ﴾ يَعْنِي: خلفاء فِي الأَرْض من بعدهمْ ﴿لنَنْظُر كَيفَ تَعْمَلُونَ﴾ وَمَعْنَاهُ: ليختبركم فَينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ.
رُوِيَ عَن عمر - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: يَا ابْن أم عمر، لقد اسْتخْلفت، فَانْظُر كَيفَ تعْمل.
وَرُوِيَ أَنه قَالَ فِي موعظته: أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ، إِن الله استخلفكم لينْظر كَيفَ تَعْمَلُونَ، فأروا الله أَعمالكُم الْحَسَنَة، وَكفوا عَن الْأَعْمَال القبيحة.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا تتلى عَلَيْهِم آيَاتنَا بَيِّنَات قَالَ الَّذين لَا يرجون لقاءنا ائْتِ بقرآن غير هَذَا أَو بدله﴾ رُوِيَ فِي التفاسير أَن الْمُشْركين قَالُوا للنَّبِي: يَا مُحَمَّد، إِن كنت تُرِيدُ أَن نؤمن لَك فأت بقرآن لَيْسَ فِيهِ سبّ آلِهَتنَا، وَلَيْسَ فِيهِ ذكر الْبَعْث والنشور وَإِن لم ينزله الله هَكَذَا، فقله من عِنْد نَفسك، فَأنْزل الله تَعَالَى هَذِه الْآيَة. فَإِن قَالَ قَائِل: أيش الْفرق بَين قَوْله: ﴿ائْتِ بقرآن غير هَذَا﴾ [وَقَوله] :﴿أَو بدله﴾ أَلَيْسَ مَعْنَاهُمَا وَاحِد؟


الصفحة التالية
Icon