﴿إِلَّا أمة وَاحِدَة فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كلمة سبقت من رَبك لقضي بَينهم فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (١٩) وَيَقُولُونَ لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ آيَة من ربه فَقل إِنَّمَا الْغَيْب لله فانتظروا إِنِّي مَعكُمْ من المنتظرين (٢٠) وَإِذا أذقنا النَّاس رَحْمَة من بعد ضراء مستهم إِذا لَهُم مكر فِي آيَاتنَا قل﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُونَ لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ آيَة من ربه﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: أَلَيْسَ الرَّسُول قد أَتَى بِالْآيَاتِ على زعمكم؟
الْجَواب عَنهُ: بلَى، وَمعنى الْآيَة: هلا أنزل عَلَيْهِ آيَة من ربه على مَا نقترحه.
﴿فَقل إِنَّمَا الْغَيْب لله﴾ يَعْنِي: علم الْغَيْب لله، إِن شَاءَ أَتَى بِالْآيَةِ الَّتِي تسألونها وَإِن شَاءَ لم يَأْتِ ﴿فانتظروا إِنِّي مَعكُمْ من المنتظرين﴾ يَعْنِي: انتظروا الْغَيْب إِنِّي مَعكُمْ من المنتظرين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِذا أذقنا النَّاس رَحْمَة من بعد ضراء مستهم﴾ الذَّوْق: تنَاول مَاله طعم بفمه ليجد طعمه، فَأَما الرَّحْمَة هَاهُنَا فِيهَا قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَنَّهَا الْعَافِيَة، وَالْآخر: أَنَّهَا الخصب وَالنعْمَة.
وَالضَّرَّاء فِيهَا قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَنَّهَا الشدَّة، وَالْآخر: أَنَّهَا الجدب والقحط.
﴿مستهم﴾ أَي: أَصَابَتْهُم. وَقَوله تَعَالَى: ﴿إِذا لَهُم مكر فِي آيَاتنَا﴾ الْمَكْر: صرف الشَّيْء عَن وَجهه بطرِيق الْحِيلَة. قَالَ مُجَاهِد: ﴿إِذا لَهُم مكر فِي آيَاتنَا﴾ أَي: تَكْذِيب واستهزاء.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿قل الله أسْرع مكرا﴾ يَعْنِي: أَشد أخذا. وَيُقَال: مَعْنَاهُ: إِن مَا يَأْتِي من الْعَذَاب من قبله أسْرع فِي إهلاككم مِمَّا يَأْتِي مِنْكُم فِي دفع الْحق وتكذيبه.
وَقَوله: ﴿إِن رسلنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ﴾ مَعْنَاهُ مَعْلُوم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هُوَ الَّذِي يسيركم فِي الْبر وَالْبَحْر﴾ قُرِئت بقراءتين: " يسيركم " و " ينشركم "، وَالْمَعْرُوف: " يسيركم " وَمَعْنَاهُ: تسهيل طَرِيق السّير عَلَيْكُم فِي الْبر وَالْبَحْر. وَأما من قَرَأَ: " ينشركم " مَعْنَاهُ: يبثكم. وَرُوِيَ عَن الضَّحَّاك أَنه قَالَ: الْبَحْر هُوَ الْأَمْصَار، وَالْبر هُوَ الْبَوَادِي. وَقَوله تَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذا كُنْتُم فِي الْفلك﴾ قَالَ أهل


الصفحة التالية
Icon