﴿وجاءهم الموج من كل مَكَان وظنوا أَنهم أحيط بهم دعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين لَئِن أنجيتنا من هَذِه لنكونن من الشَّاكِرِينَ﴾
وَقَوله: ﴿وظنوا﴾ وتيقنوا ﴿أَنهم أحيط بهم﴾ يُقَال لمن كَانَ فِي بلَاء وَشدَّة: إِنَّه قد أحيط بِهِ. وَقَوله: ﴿دعوا الله مُخلصين لَهُ الدّين﴾ مَعْنَاهُ: أَنهم أَخْلصُوا فِي الدُّعَاء، وَلم يدعوا أحدا سوى الله. وَقَوله: ﴿لَئِن أنجيتنا من هَذِه لنكونن من الشَّاكِرِينَ﴾ مَعْنَاهُ مَعْلُوم.
ثمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا أنجاهم إِذا هم يَبْغُونَ فِي الأَرْض بِغَيْر الْحق﴾ الْبَغي: هُوَ قصد الاستعلاء على الْغَيْر بالظلم، وَالْبَغي هَا هُنَا بِمَعْنى الْفساد، وَيُقَال: بغي الْجرْح إِذا أدّى إِلَى الْفساد، وبغت الْمَرْأَة إِذا فجرت.
وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي أَنه قَالَ: " لَا يُؤَخر الله صَاحب بغي " أَي: لَا يمهله. وَفِي الْأَخْبَار - أَيْضا -: " الْبَغي مصراعة ".
ثمَّ قَالَ: ﴿يَا أَيهَا النَّاس إِنَّمَا بَغْيكُمْ على أَنفسكُم﴾ أَي: وبال بَغْيكُمْ عَلَيْكُم.
قَوْله ﴿مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ وقرىء: " مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا "؛ فَمن قَرَأَ بِالرَّفْع مَعْنَاهُ: هُوَ مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا، وَمن قَرَأَ بِالنّصب مَعْنَاهُ: يمتعون مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا. وَعَن الْأَعْمَش قَالَ: الْمَتَاع: زَاد الرَّاكِب. وَقَالَ أهل الْمعَانِي: حَقِيقَة معنى الْآيَة: أَن الْبَغي مَتَاع الْحَيَاة الدُّنْيَا.