﴿شركاؤهم مَا كُنْتُم إيانا تَعْبدُونَ (٢٨) فَكفى بِاللَّه شَهِيدا بَيْننَا وَبَيْنكُم إِن كُنَّا عَن عبادتكم لغافلين (٢٩) هُنَالك تبلو كل نفس مَا أسلفت وردوا إِلَى الله مَوْلَاهُم الْحق﴾
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن معنى " تتلو ": تتبع، قَالَ الشَّاعِر:

(أرى الْمُرِيب يتبع المريبا كَمَا رَأَيْت الذيب يَتْلُوا الذيبا)
قَوْله تَعَالَى: ﴿كل نفس مَا أسلفت﴾ أَي: مَا قدمت. قَوْله تَعَالَى: ﴿وردوا إِلَى الله مَوْلَاهُم الْحق﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: قد قَالَ فِي مَوضِع آخر: ﴿وَأَن الْكَافرين لَا مولى لَهُم﴾ وَقَالَ هَاهُنَا: ﴿وردوا إِلَى الله مَوْلَاهُم الْحق﴾ فَكيف وَجه الْآيَتَيْنِ؟.
الْجَواب عَنهُ: أَن الْمولى هُنَاكَ بِمَعْنى النَّاصِر والحافظ، وَالْمولى هَاهُنَا بِمَعْنى الْمَالِك، فَلم يكن بَين الْآيَتَيْنِ اخْتِلَاف.
وَقَوله [تَعَالَى] ﴿وضل عَنْهُم مَا كَانُوا يفترون﴾ أَي: فَاتَ عَنْهُم مَا كَانُوا يكذبُون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل من يرزقكم من السَّمَاء وَالْأَرْض﴾ الرزق من السَّمَاء بالمطر، وَمن الأَرْض بالنبات. وَقَوله: ﴿أم من يملك السّمع والأبصار﴾ مَعْنَاهُ: وَمن أَعْطَاكُم الأسماع والأبصار. وَقَوله ﴿وَمن يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَيخرج الْمَيِّت من الْحَيّ﴾ مَعْنَاهُ: وَمن يخرج النُّطْفَة من الْحَيّ، والحي من النُّطْفَة، والسنبلة من الْحبّ، وَالْحب من السنبلة، وَالْبيض من الطير وَالطير من الْبيض، وَالشَّجر من النواة، والنواة من الشّجر، وَالْمُؤمن من الْكَافِر، وَالْكَافِر من الْمُؤمن.
وَقَوله ﴿وَمن يدبر الْأَمر﴾ وَمن يقْضِي الْأَمر. وَقَوله: ﴿فسيقولون الله فَقل أَفلا تَتَّقُون﴾ مَعْنَاهُ: أَفلا تَتَّقُون الشّرك مَعَ هَذَا الْإِقْرَار.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فذلكم الله ربكُم الْحق﴾ مَعْنَاهُ: فذلكم الَّذِي صفته هَذَا هُوَ ربكُم الْحق. وَقَوله: ﴿فَمَاذَا بعد الْحق إِلَّا الضلال﴾ مَعْنَاهُ: فَمَاذَا بعد الْحق إِلَّا الْبَاطِل.


الصفحة التالية
Icon