﴿كذبُوا بلقاء الله وَمَا كَانُوا مهتدين (٤٥) وَإِمَّا نرنيك بعض الَّذين نعدهم أَو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثمَّ الله شَهِيد على مَا يَفْعَلُونَ (٤٦) وَلكُل أمة رَسُول فَإِذا جَاءَ رسولهم قضي بَينهم بِالْقِسْطِ وهم لَا يظْلمُونَ (٤٧) وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْوَعْد إِن كُنْتُم صَادِقين (٤٨) قل لَا أملك لنَفْسي ضرا وَلَا نفعا إِلَّا مَا شَاءَ الله لكل أمة أجل إِذا جَاءَ أَجلهم فَلَا﴾ الْآثَار: أَن الْإِنْسَان يَوْم الْقِيَامَة يعرف من بجنبه، وَلَا يكلمهُ هَيْبَة وخشية. وَقَوله: ﴿قد خسر الَّذين كذبُوا بلقاء الله وَمَا كَانُوا مهتدين﴾ الخسران هَاهُنَا: خسران النَّفس، وَلَا شَيْء أعظم من خسران النَّفس. وَفِي بعض الْآثَار: يَا بَان آدم، أَنْت فِي دَار التِّجَارَة فاربح فِيهَا نَفسك.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِمَّا نرينك بعض الَّذِي نعدهم﴾ قَالَ مُجَاهِد: بعض الَّذِي نعدهم هُوَ: الْقَتْل يَوْم بدر. وَقَالَ غَيره: معنى الْآيَة: إِمَّا نعذبهم فِي حياتك ﴿أَو نتوفينك﴾ قبل تعذيبهم ﴿فإلينا مرجعهم﴾ ومرجعهم إِلَيْنَا. وَقَوله: ﴿ثمَّ الله شَهِيد على مَا يَفْعَلُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى، و " ثمَّ " هَاهُنَا بِمَعْنى الْوَاو.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَلكُل أمة رَسُول﴾ الْأمة: هِيَ الْجَمَاعَة إِذا كَانُوا على مَنْهَج وَاحِد ومقصد وَاحِد. وَالرَّسُول: كل من حمل رِسَالَة ليؤديها على الْحق. وَقَوله تَعَالَى: ﴿فَإِذا جَاءَ رسولهم﴾ قَالَ مُجَاهِد: فَإِذا جَاءَ رسولهم شَاهدا عَلَيْهِم يَوْم الْقِيَامَة ﴿قضى بَينهم بِالْقِسْطِ﴾ أَي: بِالْعَدْلِ ﴿وهم لَا يظْلمُونَ﴾ يَعْنِي: لَا ينقص من حَقهم.
وَفِي الْآيَة معنى آخر: وَهُوَ أَن معنى قَوْله: ﴿فَإِذا جَاءَ رسولهم﴾ يَعْنِي: إِذا جَاءَ رسولهم بالإعذار والإنذار قضى بَينهم بِالْقِسْطِ أَي: بِالْحَقِّ، وَمَعْنَاهُ: أَنه قبل مَجِيء الرُّسُل لَا يتَوَجَّه ثَوَاب وَلَا عِقَاب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتى هَذَا الْوَعْد إِن كُنْتُم صَادِقين﴾ يَعْنِي: وعد السَّاعَة.
ثمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿قل لَا أملك لنَفْسي ضرا وَلَا نفعا إِلَّا مَا شَاءَ الله﴾ الْآيَة. الْملك: قُوَّة يتَصَرَّف بهَا فِي الشَّيْء، وَقَوله: ﴿ضرا وَلَا نفعا﴾ يَعْنِي: دفع ضرّ وَلَا جلب نفع لم يقدره الله تَعَالَى. وَقَوله: ﴿لكل أمة أجل﴾ الْأَجَل: مُدَّة مَضْرُوبَة لحلول أَمر.