﴿لكل نفس ظلمت مَا فِي الأَرْض لافتدت بِهِ وأسروا الندامة لما رَأَوْا الْعَذَاب وَقضي بَينهم بِالْقِسْطِ وَهُوَ لَا يظْلمُونَ (٥٤) أَلا إِن لله مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض أَلا إِن وعد الله حق وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ (٥٥) هُوَ يحيي وَيُمِيت وَإِلَيْهِ ترجعون (٥٦) يَا أَيهَا﴾ هَاهُنَا: بذل مَا ينجو بِهِ عَن الْعَذَاب. وَقَوله: ﴿وأسروا الندامة لما رَأَوْا الْعَذَاب﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: قَول أبي عُبَيْدَة، وَهُوَ: أَن مَعْنَاهُ: وأظهروا الندامة.
وَالْقَوْل الثَّانِي: وأسروا الرؤساء مِنْهُم الندامة من الضُّعَفَاء خوفًا من مذامتهم وتعييرهم.
وَقَوله: ﴿وَقضى بَينهم بِالْقِسْطِ وهم لَا يظْلمُونَ﴾ قد بَينا الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَلا إِن لله مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: أَلَيْسَ أَن عنْدكُمْ السَّمَوَات سبع، والأرضون سبع، فَكيف ذكر السَّمَوَات بِلَفْظ الْجمع وَالْأَرْض بِلَفْظ (الوحدان) ؟
الْجَواب: أَن الْوَاحِد هَاهُنَا بِمَعْنى الْجمع، وَالْعرب قد تذكر الْوَاحِد بِلَفْظ الْجمع، وَالْجمع بِلَفْظ الْوَاحِد، وَقيل: إِن الْأَرْضين وَإِن كَانَت سبعا وَلَكِن لما لم تظهر سوى هَذِه الْوَاحِدَة وَكَانَت الْبَاقُونَ مخفية، ذكر بِلَفْظ الوحدان.
وَقَوله: ﴿أَلا إِن وعد الله حق وَلَكِن أَكْثَرهم لَا يعلمُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هُوَ يحيي وَيُمِيت وَإِلَيْهِ ترجعون﴾ مَعْلُوم الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا أَيهَا النَّاس قد جاءتكم موعظة من ربكُم﴾ الْآيَة، الموعظة: قَول على طَرِيق الْعلم يُؤَدِّي إِلَى صَلَاح الْعباد. وَقَوله: ﴿وشفاء لما فِي الصُّدُور﴾ الشِّفَاء هَاهُنَا هُوَ الدَّوَاء لذِي الْجَهْل. وَقَالَ أهل الْعلم: لَا دَاء أعظم من الْجَهْل، وَلَا دَوَاء أعز من دَوَاء الْجَهْل، وَلَا طَبِيب أقل من طَبِيب الْجَهْل، وَلَا شِفَاء أبعد من شِفَاء الْجَهْل.