﴿الله فتنته فَلَنْ تملك لَهُ من الله شَيْئا أُولَئِكَ الَّذين لم يرد الله أَن يطهر قُلُوبهم لَهُم فِي الدُّنْيَا خزي وَلَهُم فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم (٤١) سماعون للكذب أكالون للسحت﴾ صَحِيح مُسلم.
وَفِي الْآيَة قَول آخر: أَنَّهَا فِي الْقَتْل، والقصة فِي ذَلِك: أَن بني النَّضِير كَانَ لَهُم قتل على بني قُرَيْظَة، وَكَانَ الْقرظِيّ إِذا قتل يسْأَل مُحَمَّدًا؛ فَإِن أفتى بِالدِّيَةِ يَأْخُذ بِهِ، وَإِن أفتى بغَيْرهَا يحذرهُ، فَسَأَلُوهُ. فَأفْتى بالقود. فَهَذَا معنى قَوْله: ﴿إِن أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لم تؤتوه فاحذروا﴾ وَالْأول أصح ﴿وَمن يرد الله فتنته﴾ قَالَ السّديّ: ضلالته، وَقَالَ الْحسن: عَذَابه، وَقَالَ الزّجاج: فضيحته ﴿فَلَنْ تملك لَهُ من الله شَيْئا﴾ أَي: فَلَنْ تقدر على دفع أَمر الله فِيهِ.
﴿أُولَئِكَ الَّذين لم يرد الله أَن يطهر قُلُوبهم﴾ وَفِيه دَلِيل على من يُنكر الْقدر ﴿لَهُم فِي الدُّنْيَا خزي﴾ وَيرجع هَذَا إِلَى الْمُنَافِقين، وَالْيَهُود، أما خزي الْمُنَافِقين: أَنه أظهر نفاقهم فِي الدُّنْيَا، وَأما خزي الْيَهُود: أَنه بَين تحريفهم ﴿وَلَهُم فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم﴾.
قَوْله - تَعَالَى -: ﴿سماعون للكذب﴾ (ذكره) ثَانِيًا مُبَالغَة وتأكيدا ﴿أكالون للسحت﴾ قَالَ ابْن مَسْعُود: هُوَ الرِّشْوَة، والسحت: الْحَرَام، قَالَ: (كل لحم نبت من سحت فَالنَّار أولى بِهِ " وأصل السُّحت: الاستئصال؛ فالحرام سحت؛ لِأَنَّهُ يستأصل الْبركَة، قَالَ الشَّاعِر:


الصفحة التالية
Icon