﴿مرجعهم ثمَّ نذيقهم الْعَذَاب الشَّديد بِمَا كَانُوا يكفرون (٧٠) واتل عَلَيْهِم نبأ نوح إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قوم إِن كَانَ كبر عَلَيْكُم مقَامي وتذكيري بآيَات الله فعلى الله توكلت فَأَجْمعُوا أَمركُم وشركاءكم ثمَّ لَا يكن أَمركُم عَلَيْكُم غمَّة ثمَّ اقضوا إِلَيّ وَلَا تنْظرُون﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿واتل عَلَيْهِم نبأ نوح﴾ مَعْنَاهُ: واتل عَلَيْهِم خبر نوح ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قوم إِن كَانَ كبر عَلَيْكُم مقَامي وتذكيري﴾ مَعْنَاهُ: إِن كَانَ ثقل عَلَيْكُم مقَامي أَي: طول مكثي فِيكُم وتذكيري ﴿بآيَات الله﴾ وتحذيري إيَّاكُمْ بآيَات الله ﴿فعلى الله توكلت﴾ قَالُوا هَذَا اعْتِرَاض فِي الْكَلَام وَفِي الْمَعْنى. قَوْله: ﴿فَأَجْمعُوا أَمركُم﴾ هُوَ مُتَّصِل بِمَا سبق كَأَنَّهُ قَالَ: إِن كَانَ كبر عَلَيْكُم مقَامي وتذكيري بآيَات الله فَأَجْمعُوا أَمركُم. وَفِي الشاذ: " فاجمعوا أَمركُم " قَرَأَهُ عَاصِم الجحدري.
قَوْله: ﴿فاجمعوا﴾ قَالَ الْفراء: فاعزموا على أَمركُم وَادعوا ﴿شركاءكم﴾ وَقَالَ الزّجاج: فاجمعوا أَمركُم مَعَ شركائكم، إِلَّا أَنه لما ترك كلمة " مَعَ " فانتصب، قَالَ الشَّاعِر:

(يَا لَيْت شعري والمنى لَا تَنْفَع حَتَّى أرى أَمْرِي وأمري مجمع)
أَي: معزم عَلَيْهِ. وَقَوله: ﴿ثمَّ لَا يكن أَمركُم عَلَيْكُم غمَّة﴾ أَي: ملتبسا، وَمِنْه الْغَمَام، وَالْغَم. وَقَوله تَعَالَى: ﴿ثمَّ اقضوا إِلَيّ﴾ قرىء فِي الشاذ: " ثمَّ أفضوا إِلَيّ " بِالْفَاءِ، وَالْمَعْرُوف بِالْقَافِ. قَالَ مُجَاهِد مَعْنَاهُ: ثمَّ اعلموا مَا فِي أَنفسكُم. وَقيل مَعْنَاهُ: توجهوا إليَّ بِالْقَتْلِ وَالْمَكْرُوه، وَهَذَا على طَرِيق التَّعْجِيز، فَإِنَّهُ قَالَ هَذِه الْمقَالة وعجزوا عَن إِيصَال مَكْرُوه إِلَيْهِ، فَهَذَا كَانَ (نوع) معْجزَة لَهُ، وَمِنْهُم من قَالَ: قَوْله: ﴿اقضوا إليَّ﴾ أَي: ثمَّ اقضوا مَا أَنْتُم قاضون، وَاعْمَلُوا مَا أَنْتُم عاملون، وَهَذَا مثل قَول السَّحَرَة: ﴿فَاقْض مَا أَنْت قَاض﴾، مَعْنَاهُ: فاعمل مَا أَنْت عَامل. وَحَقِيقَة


الصفحة التالية
Icon