( ﴿٧١) فَإِن توليتم فَمَا سألتكم من أجر إِن أجري إِلَّا على الله وَأمرت أَن أكون من الْمُسلمين (٧٢) فَكَذبُوهُ فنجيناه وَمن مَعَه فِي الْفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُنْذرين (٧٣) ثمَّ بعثنَا من بعده رسلًا إِلَى قَومهمْ فجاءوهم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا ليؤمنوا بِمَا كذبُوا بِهِ من قبل كَذَلِك نطبع على قُلُوب﴾ الْقَضَاء: هُوَ إحكام الْأَمر والفراغ عَنهُ، وَمِنْه يُقَال للرجل إِذا مَاتَ: قد قضى فلَان، أَي: فرغ من أمره.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تنْظرُون﴾ أَي: لَا تمهلون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِن توليتم فَمَا سألتكم من أجر﴾ مَعْنَاهُ: فَإِن أعرضتم فَمَا سألتكم من ثَوَاب على تَبْلِيغ الرسَالَة. قَوْله: ﴿إِن أجري إِلَّا على الله﴾ أَي: إِن ثوابي إِلَّا على الله ﴿وَأمرت أَن أكون من الْمُسلمين﴾ أَي: من الْمُوَحِّدين. وَمِنْهُم من قَالَ: معنى قَوْله: ﴿من الْمُسلمين﴾ أَي: من المستسلمين لأمر الله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَكَذبُوهُ فنجيناه وَمن مَعَه فِي الْفلك﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: كَانَ مَعَه فِي الْفلك ثَمَانُون رجلا، وَكَانَ أول من حمله: الذّرة، وَآخر من حمله: الْحمار، وَتعلق الشَّيْطَان بذنب الْحمار، وَجعل يَقُول: نوح للحمار، ادخل فَلَا يدْخل حَتَّى قَالَ: ادخل يَا شَيْطَان فَدخل وإبليس مَعَه.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وجعلناهم خلائف﴾ أَي: وَجَعَلنَا الَّذين مَعَه فِي الْفلك خلفاء الْقَوْم الَّذين أغرقناهم فِي دُورهمْ ومساكنهم ومنازلهم. وَقَوله تَعَالَى: ﴿وأغرقنا الَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة الْمُنْذرين﴾ الْغَرق: هَلَاك بِالْمَاءِ والغامر. وَيُقَال: إِن مُدَّة الإغراق كَانَت أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَكَانَ من وَقت إرْسَال المَاء من السَّمَاء إِلَى أَن (نضب) المَاء سِتَّة أشهر وعدة أَيَّام.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿ثمَّ بعثنَا من بعده رسلًا إِلَى قَومهمْ فجاءوهم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ يَعْنِي: من بعد نوح رسلًا إِلَى قَومهمْ ﴿فَجَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ﴾ أَي: بالدلالات الواضحات ﴿فَمَا كَانُوا ليؤمنوا بِمَا كذبُوا بِهِ من قبل﴾ أَي: فَمَا كَانُوا ليؤمنوا بِمَا كذب بِهِ قوم نوح من