﴿الله لَا يصلح عمل المفسدين (٨١) ويحق الله الْحق بكلماته وَلَو كره المجرمون (٨٢) فَمَا آمن لمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة من قومه على خوف من فِرْعَوْن وملئهم أَن يفتنهم وَإِن فِرْعَوْن لعال فِي الأَرْض وَإنَّهُ لمن المسرفين (٨٣) وَقَالَ مُوسَى يَا قوم إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه فَعَلَيهِ توكلوا إِن كُنْتُم مُسلمين (٨٤) فَقَالُوا على الله توكلنا رَبنَا لَا تجعلنا فتْنَة للْقَوْم﴾
وَقَوله تَعَالَى: ﴿ويحق الله الْحق بكلماته﴾ مَعْنَاهُ: يعلي الله الْحق بآياته ﴿وَلَو كره المجرمون﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَا آمن لمُوسَى إِلَّا ذُرِّيَّة من قومه﴾ مَعْنَاهُ: فَمَا آمن لمُوسَى إِلَّا قَلِيل فِي قومه، وَاخْتلفُوا فِي الذُّرِّيَّة هَاهُنَا، قَالَ بَعضهم: إِنَّهُم قوم كَانَت آباؤهم فِي القبط وأمهاتهم من بني إِسْرَائِيل. وَقَالَ بَعضهم: إِنَّهُم قوم نَجوا من قتل فِرْعَوْن، فَإِن فِرْعَوْن لما أَمر بقتل أَبنَاء بني إِسْرَائِيل كَانَت الْمَرْأَة من بني إِسْرَائِيل إِذا ولد لَهَا ابْن سلمته إِلَى امْرَأَة قبطية، وَتقول: وهبته لَك خوفًا عَلَيْهِ من الْقَتْل، فَنَشَأَ أُولَئِكَ الْأَوْلَاد عِنْد القبط، وَأَسْلمُوا فِي ذَلِك الْيَوْم، يَعْنِي: يَوْم السَّحَرَة الَّذين غلبوا. وَقَوله: ﴿على خوف من فِرْعَوْن وملئهم أَن يفتنهم﴾ قَالَ بعض أهل الْمعَانِي: فِي الْآيَة حذف؛ كَأَنَّهُ قَالَ: على خوف من آل فِرْعَوْن وملئهم، وَهَذَا مثل (قَوْله) :﴿واسأل الْقرْيَة﴾ أَي: أهل الْقرْيَة.
وَمِنْهُم من قَالَ: لما ذكر فِرْعَوْن دخل قومه مَعَه كَالرّجلِ يَقُول: قدم الْخَلِيفَة أَو الْأَمِير بِكَذَا وَكَذَا، فضاقت الْمنَازل على النَّاس، مَعْنَاهُ: قدم الْخَلِيفَة وَمن مَعَه.
ثمَّ قَالَ: ﴿أَن يفتنهم﴾ مَعْنَاهُ: أَن يعذبهم. وَقَوله: ﴿وَإِن فِرْعَوْن لعال فِي الأَرْض﴾ أَي: لطاغ فِي الأَرْض ﴿وَإنَّهُ لمن المسرفين﴾ مَعْلُوم.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ مُوسَى يَا قوم إِن كُنْتُم آمنتم بِاللَّه فَعَلَيهِ توكلوا إِن كُنْتُم مُسلمين﴾ التَّوَكُّل: هُوَ الثِّقَة بِاللَّه والاعتماد عَلَيْهِ فِي الْأُمُور. وَقَوله: {إِن كُنْتُم