﴿عصيت قبل وَكنت من المفسدين (٩١) فاليوم تنجيك ببدنك لتَكون لمن خلقك آيَة وَإِن كثيرا من النَّاس عَن آيَاتنَا لغافلون (٩٢) وَلَقَد بوأنا بني إِسْرَائِيل مبوأ صدق﴾ لَا إِلَه إِلَّا الله ". وَفِي رِوَايَة: " لِئَلَّا يثنى مَخَافَة أَن يغْفر الله لَهُ ".
قَالَ أَبُو عِيسَى: والْحَدِيث صَحِيح فِي الْجُمْلَة.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فاليوم ننجيك ببدنك﴾ فِي الْبر، قرىء: " ننحيك ببدنك " بِالْحَاء [من التنحية]، وَالْمَعْرُوف بِالْجِيم أَي: نلقيك على نجوة من الأَرْض. والنجوة: الْمَكَان الْمُرْتَفع. فِي الْقَصَص: أَن فِرْعَوْن لما غرق قَالَت بَنو إِسْرَائِيل: هُوَ أجل من أَن يغرق، فَلم يصدقُوا مُوسَى أَنه قد غرق، فَأمر الله تَعَالَى المَاء حَتَّى أَلْقَاهُ على وَجهه؛ وَهَذَا معنى قَوْله: ﴿ننجيك ببدنك﴾ وَقَوله: ﴿ببدنك﴾ فِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: بدرعك، وَكَانَ لَهُ درع مَشْهُور من اللُّؤْلُؤ مرصع من الْجَوَاهِر، فرأوه فِي درعه فصدقوا.
وَالْقَوْل الثَّانِي: ببدنك يَعْنِي: بجسد لَا روح فِيهِ.
قَوْله: ﴿لتَكون لمن خَلفك آيَة﴾ أَي: عِبْرَة. وَقَوله: ﴿وَإِن كثيرا من النَّاس عَن آيَاتنَا لغافلون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله تَعَالَى ﴿وَلَقَد بوأنا بني إِسْرَائِيل مبوأ صدق﴾ أَي: أنزلنَا بني إِسْرَائِيل مبوأ صدق أَي: أنزلنَا بني إِسْرَائِيل منَازِل صدق. وَقيل: إِن تِلْكَ الْمنَازل هِيَ مصر. وَقيل: إِنَّهَا الشَّام. وَقَوله: ﴿مبوأ صدق﴾ يَعْنِي: بصدقهم وَإِيمَانهمْ. وَقَوله: ﴿ورزقناهم من الطَّيِّبَات﴾ مَعْلُوم. وَقَوله: ﴿فَمَا اخْتلفُوا حَتَّى جَاءَهُم الْعلم﴾ يَعْنِي: التَّوْرَاة، فَإِنَّهُم اخْتلفُوا بعد نزُول التَّوْرَاة وَذَهَاب مُوسَى اخْتِلَافا شَدِيدا. ثمَّ قَالَ: ﴿إِن رَبك يقْضِي بَينهم يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.


الصفحة التالية
Icon