﴿الرجس على الَّذين لَا يعْقلُونَ (١٠٠) قل انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا تغني الْآيَات وَالنّذر عَن قوم لَا يُؤمنُونَ (١٠١) فَهَل ينتظرون إِلَّا مثل أَيَّام الَّذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إِنِّي مَعكُمْ من المنتظرين (١٠٢) ثمَّ ننجي رسلنَا وَالَّذين آمنُوا كَذَلِك حَقًا﴾ أَنى لَو أردْت لأكرهتهم على الْإِيمَان، وَلم أرد، فَلَا ترد أَنْت - أَيْضا - أَن تكرههم على الْإِيمَان.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لنَفس أَن تؤمن إِلَّا بِإِذن الله﴾ قَالَ عَطاء: إِلَّا بِتَوْفِيق الله. وَقَالَ غَيره: إِلَّا بِعلم الله. وَقيل: إِلَّا بِإِطْلَاق الله ذَلِك بِدفع الْمَوَانِع، وَهَذَا مثل قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لنَفس أَن تَمُوت إِلَّا بِإِذن الله﴾ مِنْهُم من قَالَ: " بِإِذن الله " أَي: بِقَضَائِهِ وَتَقْدِيره وَحكمه، والمعاني كلهَا صَحِيحَة. وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَيجْعَل الرجس على الَّذين لَا يعْقلُونَ﴾ قَالَ الْفراء: الرجس بِمَعْنى الرجز، وَالرجز هُوَ الْعَذَاب. وَقَالَ ابْن عَبَّاس - رَضِي الله عَنْهُمَا - إِن الرجس هُوَ السخط. وَقيل: إِنَّه الْإِثْم. وَقيل: إِنَّه الْهَلَاك. وَأما قَوْله: ﴿على الَّذين لَا يعْقلُونَ﴾ مَعْنَاهُ: لَا يُؤمنُونَ. وَقيل: معنى قَوْله: ﴿لَا يعْقلُونَ﴾ أَي: لَا يعْقلُونَ عَن الله أمره وَنَهْيه.
قَوْله: ﴿قل انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض﴾ مَعْنَاهُ: قل انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض من الدَّلَائِل والعبر والحجج. وَقَوله: ﴿وَمَا تغني الْآيَات وَالنّذر عَن قوم لَا يُؤمنُونَ﴾ هَذَا فِي قوم بأعيانهم علم الله تَعَالَى أَنهم لَا يُؤمنُونَ وَإِن نظرُوا فِي الْآيَات.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَهَل ينتظرون إِلَّا مثل أَيَّام الَّذين خلوا من قبلهم﴾ الِانْتِظَار هُوَ الثَّبَات لتوقع أَمر. وَقَوله: ﴿إِلَّا مثل أَيَّام الَّذين خلوا من قبلهم﴾ يَعْنِي: مثل أَيَّام الْهَلَاك فِي الَّذين خلوا من قبلهم من الْأُمَم المكذبة. قَوْله: ﴿قل فانتظروا إِنِّي مَعكُمْ من المنتظرين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿ثمَّ ننجي رسلنَا وَالَّذين آمنُوا﴾ قَوْله: " ننجي " مُسْتَقْبل بِمَعْنى


الصفحة التالية
Icon