﴿علينا ننج الْمُؤمنِينَ (١٠٣) قل يَا أَيهَا النَّاس إِن كُنْتُم فِي شكّ من ديني فَلَا أعبد الَّذين تَعْبدُونَ من دون الله وَلَكِن أعبد الله الَّذِي يتوفاكم وَأمرت أَن أكون من الْمُؤمنِينَ (١٠٤) وَأَن أقِم وَجهك للدّين حَنِيفا وَلَا تكونن من الْمُشْركين (١٠٥) وَلَا تدع من دون﴾ الْمَاضِي، وَمَعْنَاهُ: أنجينا رسلنَا وَالَّذين آمنُوا. قَوْله ﴿كَذَلِك حَقًا علينا ننجي الْمُؤمنِينَ﴾ يَعْنِي: مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل يَا أَيهَا النَّاس إِن كُنْتُم فِي شكّ من ديني﴾ فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ قَالَ: إِن كُنْتُم فِي شكّ من ديني، وهم كَانُوا يَعْتَقِدُونَ بطلَان مَا جَاءَ بِهِ على بَصِيرَة؟
الْجَواب: أَنه قد كَانَ فيهم قوم شاكوك، فَالْمُرَاد من الْآيَة أُولَئِكَ الْقَوْم.
وَالثَّانِي: أَنهم لما رَأَوْا الْآيَات اضْطَرَبُوا وَشَكوا فِي أَمرهم وَأمر النَّبِي.
قَوْله: ﴿فَلَا أعبد الَّذين تَعْبدُونَ من دون الله وَلَكِن أعبد الله الَّذِي يتوفاكم﴾ ظَاهر الْمَعْنى. فَإِن قَالَ قَائِل: مَا معنى قَوْله: ﴿إِن كُنْتُم فِي شكّ من ديني فَلَا أعبد الَّذين تَعْبدُونَ من دون الله﴾ وَهُوَ لَا يعبد الَّذين من دون الله شكوا أَو لم يشكوا؟ وَمَا معنى قَوْله: ﴿وَلَكِن أعبد الله الَّذِي يتوفاكم﴾ ولأي شَيْء خص الْوَفَاة بِالذكر؟
الْجَواب: أما الأول مَعْنَاهُ: إِن كُنْتُم فِي شكّ فلست فِي شكّ، وَلَا أعبد إِلَّا الله على يَقِين وبصيرة. وَأما ذكر الْوَفَاة فِي قَوْله: " يتوفاكم " بِمَعْنى التهديد، فَإِن الْعَذَاب يَقع على الْكَافِر حَتَّى تُدْرِكهُ الْوَفَاة.
﴿وَأمرت أَن أكون من الْمُؤمنِينَ﴾ أَي: من المخلصين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأَن أقِم وَجهك للدّين حَنِيفا﴾ مَعْنَاهُ: وَأمرت أَن أستقيم لله على الدّين مخلصا. وَيُقَال مَعْنَاهُ: واستقم على الدّين الَّذِي أمرت بِهِ بِوَجْهِك. قَوْله تَعَالَى: ﴿حَنِيفا﴾ قد بَينا من قبل، وَيُقَال: إِن الْآيَة فِي التَّوَجُّه إِلَى الْقبْلَة، وَهِي الْكَعْبَة؛ وَهِي فِي معنى قَوْله تَعَالَى: ﴿فول وَجهك شطر الْمَسْجِد الْحَرَام﴾. وَقَوله: ﴿وَلَا تكونن من الْمُشْركين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.


الصفحة التالية
Icon