﴿الله مَا لَا ينفعك وَلَا يَضرك فَإِن فعلت فَإنَّك إِذا من الظَّالِمين (١٠٦) وَإِن يمسسك الله بضر فَلَا كاشف لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يردك بِخَير فَلَا راد لفضله يُصِيب بِهِ من يَشَاء من عباده وَهُوَ الغفور الرَّحِيم (١٠٧) قل يَا أَيهَا النَّاس قد جَاءَكُم الْحق من ربكُم فَمن اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لنَفسِهِ وَمن ضل فَإِنَّمَا يضل عَلَيْهَا وَمَا أَنا عَلَيْكُم بوكيل (١٠٨) وَاتبع مَا يُوحى﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَا تدع من دون الله مَا لَا ينفعك وَلَا يَضرك﴾ الدُّعَاء يكون بمعنيين: أَحدهمَا: بِمَعْنى النداء، كَقَوْلِك: يَا زيد، وَيَا عَمْرو، وَالْآخر: بِمَعْنى الطّلب.
وَقَوله: ﴿مَا لَا ينفعك وَلَا يَضرك﴾ مَعْنَاهُ: لَا ينفعك إِن دَعوته، وَلَا يَضرك إِن تركت دعاءه. وَقَوله: ﴿فَإِن فعلت فَإنَّك إِذا من الظَّالِمين﴾ يَعْنِي: مِمَّن وضع الدُّعَاء فِي غير مَوْضِعه.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِن يمسسك الله بضر فَلَا كاشف لَهُ إِلَّا هُوَ﴾ مَعْنَاهُ: إِن يصبك الله بضر، والضر: هُوَ الْخَوْف وَالْمَرَض والجوع وَنَحْوه.
وَقَوله: ﴿فَلَا كاشف لَهُ إِلَّا هُوَ﴾ أَي: لَا كاشف لذَلِك الضّر إِلَّا الله.
وَقَوله: ﴿وَإِن يَرك بِخَير﴾ أَي: يصبك بِخَير، وَالْخَيْر: هُوَ الخصب وَالسعَة والعافية وَنَحْوه.
وَقَوله: ﴿فَلَا راد لفضله﴾ أَي: لَا مَانع لفضله.
قَوْله: ﴿يُصِيب بِهِ من يَشَاء من عباده وَهُوَ الغفور الرَّحِيم﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قل يَا أَيهَا النَّاس قد جَاءَكُم الْحق من ربكُم﴾ الْحق هَاهُنَا: هُوَ مَا ينجو بِهِ الْإِنْسَان، وضده: الْبَاطِل، وَهُوَ الَّذِي يهْلك بِهِ الْإِنْسَان. وَقيل: مَعْنَاهُ: الْإِسْلَام. وَقيل: مَعْنَاهُ: الْقُرْآن. وَقَوله: ﴿فَمن اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لنَفسِهِ﴾ " يَعْنِي ": يحْتَاط لنَفسِهِ. ﴿وَمن ضل فَإِنَّمَا يضل عَلَيْهَا﴾ يَعْنِي: من كفر وَترك الْإِيمَان؛ فَإِنَّمَا وباله وضلاله عَلَيْهِ.
قَوْله: ﴿وَمَا أَنا عَلَيْكُم بوكيل﴾ أَي: بمسلط، وَمَعْنَاهُ: أَنكُمْ تسْأَلُون عَن


الصفحة التالية
Icon