﴿لكم فاعلموا أَنما أنزل بِعلم الله وَأَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ (١٤) من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا وهم فِيهَا لَا يبخسون (١٥) أُولَئِكَ الَّذين لَيْسَ لَهُم فِي الْآخِرَة إِلَّا النَّار وحبط مَا صَنَعُوا فِيهَا وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ (١٦) أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه ويتلوه شَاهد مِنْهُ وَمن قبله كتاب مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَة أُولَئِكَ﴾
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَإِن لم يَسْتَجِيبُوا لكم فاعلموا أَنما أنزل بِعلم الله﴾ يجوز أَن يكون قَوْله: ﴿فاعلموا﴾ خطاب للْمُؤْمِنين، وَيجوز أَن يكون خطابا للْمُشْرِكين. وَقَوله ﴿بِعلم الله﴾ بِمَعْنى أنزلهُ وَفِيه علمه، وَهَذَا رد على الْمُعْتَزلَة حَيْثُ قَالُوا: لَا علم لله.
وَقَوله: ﴿وَأَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ﴾ يَعْنِي: فاعلموا أَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ، فَهَل أَنْتُم مُسلمُونَ؟ أَي: مخلصون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿من كَانَ يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا﴾ قَالَ الضَّحَّاك: نزلت الْآيَة فِي الْمُشْركين. وَقَالَ مُجَاهِد وَجَمَاعَة: نزلت الْآيَة فِي كل من عمل عملا وَأَرَادَ بِهِ غير الله. وَقَوله: ﴿نوف إِلَيْهِم أَعْمَالهم فِيهَا﴾ يَعْنِي: نجازيهم على أَعْمَالهم فِي الدُّنْيَا، وَذَلِكَ بسعة الرزق وَدفع المكاره وَمَا أشبه ذَلِك. وَقَوله: ﴿وهم فِيهَا لَا يبخسون﴾ فِيهَا أَي: فِي الدُّنْيَا، لَا يبخسون يَعْنِي: لَا ينقص حظهم. ثمَّ قَالَ:
﴿أُولَئِكَ الَّذين لَيْسَ لَهُم فِي الْآخِرَة إِلَّا النَّار وحبط مَا صَنَعُوا فِيهَا﴾ وَبَطل مَا صَنَعُوا فِيهَا. وَقَوله: ﴿وباطل مَا كَانُوا يعْملُونَ﴾ أَي: وَمَا حق مَا كَانُوا يعْملُونَ.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه﴾ فِي الْآيَة حذف، وَمَعْنَاهُ: أَفَمَن كَانَ على بَيِّنَة من ربه كمن يُرِيد الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزينتهَا. وَعَامة أهل التَّفْسِير على أَن المُرَاد بِهِ النَّبِي، وَقيل: إِن المُرَاد مِنْهُ: النَّبِي وكل مُؤمن فِي الْعَالم. وَالْأول هُوَ الصَّحِيح.
وَقَوله: ﴿على بَيِّنَة من ربه﴾ أَي: على بَيَان من ربه. وَقَوله ﴿ويتلوه شَاهد مِنْهُ﴾ فِيهِ أَقْوَال:
الأول: عَلَيْهِ أَكثر أهل التَّفْسِير: أَن المُرَاد مِنْهُ: جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - وَهَذَا قَول


الصفحة التالية
Icon