﴿يُؤمنُونَ بِهِ وَمن يكفر بِهِ من الْأَحْزَاب فَالنَّار موعده فَلَا تَكُ فِي مرية مِنْهُ إِنَّه الْحق من رَبك وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يُؤمنُونَ (١٧) وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أُولَئِكَ يعرضون على رَبهم وَيَقُول الأشهاد هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم أَلا لعنة الله على الظَّالِمين (١٨) الَّذين يصدون عَن سَبِيل الله ويبغونها عوجا وهم بِالآخِرَة هم كافرون﴾
وَقَوله: ﴿فَلَا تَكُ فِي مرية مِنْهُ﴾ يَعْنِي: فَلَا تَكُ فِي شكّ مِنْهُ. وَقيل مَعْنَاهُ: فَلَا تَكُ فِي شَيْء مِنْهُ أَيهَا الشاك. قَوْله: ﴿إِنَّه الْحق من رَبك وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يُؤمنُونَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمن أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا أَو كذب بآياته﴾ مَعْنَاهُ: لَا أحد أظلم مِمَّن افترى على الله كذبا. ثمَّ قَالَ: ﴿أُولَئِكَ يعرضون على رَبهم﴾ الْعرض: هُوَ إِظْهَار الشَّيْء ليرى وَيُوقف على حَاله، وَمِنْه قَوْلهم: عرض السُّلْطَان الْجند. وَقَوله: ﴿وَيَقُول الأشهاد هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم﴾ اخْتلف القَوْل فِي الأشهاد، رُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: هم الْأَنْبِيَاء والمرسلون. وَقَالَ مُجَاهِد: هم الْمَلَائِكَة. وَقَالَ بَعضهم: الْخَلَائق كلهم. وَقَوله: ﴿هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم أَلا لعنة الله على الظَّالِمين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وروى ابْن عمر - رَضِي الله عَنْهُمَا - أَن النَّبِي قَالَ: " يدنى الْمُؤمن ربه يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يضع كنفه عَلَيْهِ، فيقرره بذنوبه وَيَقُول: هَل تعرف كَذَا؟ فَيَقُول: أعرف. هَل تعرف كَذَا؟ فَيَقُول: أعرف. فيسأله مَا سَأَلَهُ، ثمَّ يَقُول: سترته عَلَيْك فِي الدُّنْيَا، وَأَنا أغفره لَك الْيَوْم، ثمَّ يعْطى كِتَابه بِيَمِينِهِ، وَأما الْكفَّار فينادى على رُءُوس الأشهاد: هَؤُلَاءِ الَّذين كذبُوا على رَبهم، أَلا لعنة الله على الظَّالِمين ".
وَهَذَا الحَدِيث هُوَ حَدِيث النَّجْوَى، اتَّفقُوا على صِحَّته عَن النَّبِي.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذين يصدون عَن سَبِيل الله﴾ مَعْنَاهُ: الَّذين يمْنَعُونَ عَن دين الله.
وَقَوله: ﴿ويبغونها عوجا﴾ يَعْنِي: وَيطْلبُونَ الأعوجاج فِي دين الله. وَقَوله {وهم


الصفحة التالية
Icon