﴿يستويان مثلا أَفلا تذكرُونَ (٢٤) وَلَقَد أرسلنَا نوحًا إِلَى قومه إِنِّي لكم نَذِير جين (٢٥) أَن لَا تعبدوا إِلَّا الله إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم أَلِيم (٢٦) فَقَالَ الْمَلأ الَّذين كفرُوا من قومه مَا نرَاك إِلَّا بشرا مثلنَا وَمَا نرَاك اتبعك إِلَّا الَّذين هم أراذلنا بَادِي الرَّأْي وَمَا﴾
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن " الْوَاو " لتعميم التَّشْبِيه، وَمَعْنَاهُ: حَال الْكَافِر كَحال الْأَعْمَى، وحاله كَحال الْأَصَم، وحاله كَحال الْأَعْمَى والأصم.
وَقَوله: ﴿والبصير والسميع﴾ الْكَلَام فِيهِ مثل هَذَا، وَالْمرَاد مِنْهُ: حَالَة الْمُؤمن. وَقَوله ﴿هَل يستويان مثلا﴾ رُوِيَ أَن الْكفَّار لما سمعُوا هَذَا قَالُوا: لَا يستويان، فَأنْزل الله تَعَالَى: ﴿أَفلا تذكرُونَ﴾ يَعْنِي: أَفلا تتعظون؟ !
قَوْله: ﴿وَلَقَد أرسلنَا نوحًا إِلَى قومه إِنِّي لكم نَذِير مُبين﴾ قرئَ بقراءتين؛ بِالنّصب والخفض؛ فَمَعْنَى النصب: بِأَنِّي لكم نَذِير مُبين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَلا تعبدوا إِلَّا الله﴾ مَعْنَاهُ: آمركُم أَلا تعبدوا إِلَّا الله، وَالْعِبَادَة: التَّوْحِيد، وَإِنَّمَا بَدَأَ بِالتَّوْحِيدِ لِأَنَّهُ من أهم الْأُمُور.
وَقَوله: ﴿إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُم عَذَاب يَوْم أَلِيم﴾ أَي: مؤلم، والمؤلم: الموجع.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَقَالَ الْمَلأ الَّذين كفرُوا من قومه﴾ الْمَلأ هم الْأَشْرَاف والرؤساء.
وَقَوله: ﴿مَا نرَاك إِلَّا بشرا مثلنَا﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وَقَوله: ﴿وَمَا نرَاك اتبعك إِلَّا الَّذين هم أراذلنا بَادِي الرَّأْي﴾ والأراذل: جمع الرذل، والرذل: الخسيس الدون. وَقيل: الأراذل: الأسافل، والرذل: السفلة، وَفِي السفلة أَقْوَال كَثِيرَة لأهل الْعلم.
قَالَ مَالك بن أنس: السفلة: هُوَ الَّذِي يسب أَصْحَاب النَّبِي. وروى عَن الْحسن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي أَنه قَالَ: السفلة: الَّذِي لَا دين لَهُ.
وَعَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: السفلة: الَّذِي لَا يُبَالِي مَا قَالَ وَمَا قيل لَهُ.
وَعَن ابْن الْمُبَارك قَالَ: هم الَّذين يتقلسون ويأتون أَبْوَاب الْقُضَاة يطْلبُونَ الشَّهَادَات.
وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السفلة: هُوَ الَّذِي يَأْكُل بِدِينِهِ، وسفلة السفلة هُوَ