﴿نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين (٢٧) قَالَ يَا قوم أَرَأَيْتُم إِن كنت على بَيِّنَة من رَبِّي وآتاني رَحْمَة من عِنْده فعميت عَلَيْكُم أنلزمكموها وَأَنْتُم لَهَا كَارِهُون (٢٨) وَيَا قوم لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ مَالا إِن أجري إِلَّا على الله وَمَا أَنا بطارد الَّذين آمنُوا إِنَّهُم ملاقوا﴾
الَّذِي يُسَوِّي دنيا غَيره بِدِينِهِ. وَفِي بعض الْآثَار: أَشْقَى الأشقياء من بَاعَ دينه بدنيا غَيره. وَقيل: إِن السفلة هم أَصْحَاب الصناعات الدنية مثل: الكناسين، والدباغين، والسماكين، والحجامين، والحاكة، وَغَيرهم. وَرُوِيَ أَن بعض الْعلمَاء بِبَغْدَاد سُئِلَ عَن امْرَأَة قَالَت لزَوجهَا: يَا سفلَة، فَقَالَ: إِن كنت سفلَة فَأَنت طَالِق، فَقَالَ لَهُ ذَلِك الْعَالم: مَا صناعتك؟ فَقَالَ: سماك، فَقَالَ: سفلَة وَالله سفلَة.
وَرُوِيَ عَن عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: هم الَّذين إِذا اجْتَمعُوا غلبوا، وَإِذا تفَرقُوا لم يعرفوا.
وَقَوله: ﴿بَادِي الرَّأْي﴾ قرئَ بقراءتين: بِالْهَمْز، وَترك الْهَمْز فَأَما بِالْهَمْز فَمَعْنَاه: أول الرَّأْي؛ كَأَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّهُم اتبعوك فِي أول الرَّأْي وَلم يتفكروا وَلَو تَفَكَّرُوا، لم يتبعوك. وَأما بَادِي الرَّأْي بترك الْهَمْز فَمَعْنَاه: ظَاهر الرَّأْي. قَالَ الزّجاج: يَعْنِي: اتبعوك ظَاهرا لَا بَاطِنا.
وَقَوله: ﴿وَمَا نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ يَا قوم أَرَأَيْتُم إِن كنت على بَيِّنَة من رَبِّي﴾ يَعْنِي: على بَيَان من رَبِّي. وَقَوله: ﴿وآتاني رَحْمَة من عِنْده﴾ الرَّحْمَة هَاهُنَا هِيَ النُّبُوَّة وَالْهدى. قَوْله ﴿فعميت عَلَيْكُم﴾ أَي: فخفيت عَلَيْكُم؛ لِأَن من عمي عَن الشَّيْء فقد خفى ذَلِك الشَّيْء عَلَيْهِ. وَقُرِئَ: " فعميت عَلَيْكُم " مَعْنَاهُ: فأخفيت عَلَيْكُم. وَقَوله: ﴿أنلزمكموها﴾ مَعْنَاهُ: أنلزمكم الدعْوَة ﴿وَأَنْتُم لَهَا كَارِهُون﴾ قَالَ قَتَادَة: لَو قدر الْأَنْبِيَاء أَن يلزموا قَومهمْ لألزموا [قَومهمْ] ؛ وَلَكِن لم يقدروا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَا قوم لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ مَالا إِن أجري إِلَّا على الله﴾ مَعْنَاهُ: مَا